رأيك (1) فإنهم منك أسمع ولك أطوع منهم للمخل المجرم المارق (2).
فكتب إليه ابن عباس: أما بعد فقد جاءني كتابك تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى بيعته والدخول في طاعته فإن يك ذلك كذلك فإني والله ما أرجو بذلك برك ولا حمدك، ولكن الله عز وجل بالذي أنوي به عليم، وزعمت أنك غير ناس بري وتعجيل صلتي.
فاحبس أيها الانسان برك وتعجيل صلتك فإني حابس عنك ودي فعلعمري ما تؤتينا مما لنا قبلك من حقنا إلا اليسير، وإنك لتحبس منه العريض الطويل.
وسألت أن أحث الناس عليك وأن اخذ لهم عن ابن الزبير فلا ولا سرورا ولا حبا، إنك تسألني نصرتك وتحثني على ودك وقد قتلت حسينا - رضي الله عنه - وفتيان عبد المطلب مصابيح الهدى (3) ونجوم الاعلام (4) غادرتهم خيولك بأمرك في صعيد واحد مزلين بالدماء مسلوبين بالعراء لا مكفنين ولا موسدين، تسفوا عليهم الرياح، وتناتبهم عرج الضباع حتى أتاح الله عز وجل لهم بقوم (5) لم يشركوا في دمائهم كفنوهم واجنوهم وبي وبهم والله غررت (6) وجلست مجلسك الذين جلست.
فما أنسى من الأشياء فلست بناس اطرادك حسينا - رضي الله عنه - من حرم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حرم الله عز وجل، وتسييرك إليه الرجال لقتله في الحرم (7) فما زلت بذلك وعلى ذلك حتى أشخصته من مكة إلى العراق، فخرج خائفا يترقب فتزلزت (8) به خيلك عداوة منك لله عز وجل