مختلفون، ومنهم من روى أنه لما قال: اجتهد رأيي قال له: لا أحب أن أكتب إليك كذا، ولو سلمنا صيغة الخبر على ما ذكرت لاحتمل أن يكون معنى قوله:
(أجتهد رأيي): أني أجتهد حتى أجد حكم الله تعالى في الحادثة من الكتاب والسنة.
وأما ما رويته عن الحسن عليه السلام من حكم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ففيه تصحيف ممن رواه، والخبر المعروف أنه قال: (فإن لم يجد في السنة شيئا رجز فأصاب) يعني بذلك القرعة بالسهام، وهو مأخوذ من الرجز والفأل، والقرعة عندنا من الاحكام المنصوص عليها وليست بداخلة في القياس. فقد تبين أنه لا حجة لك فيما أوردته من الآيات والاخبار.
فقال أحد الحاضرين: إذا لم يثبت للقايسين نص في إيجاب القياس، فكذلك ليس لمن نفاه نص في نفيه من قرآن ولا أخبار، فقد تساويا في هذه الحال.
فقلت له: قد قدمت من الدليل العقلي على فساد القياس في الشرعيات وما يستغني به متأمليه عن إيراد ما سواه. ثم إن الامر بخلاف ما ظننت، وقد تناصرت الأدلة بحظر القياس من القرآن وثابت الاخبار، قال الله عز وجل:
(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) ولسنا نشك في أن الحكم بالقياس حكم بغير التنزيل، وقال سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب) ومستخرج الحكم في الحادثة بالقياس لا يصح له أن يضيفه إلى الله ولا إلى رسوله صلى الله عليه وآله، وإذا لم يصح إضافته إليهما فإنما هو مضاف إلى القائس دون غيره، وهو المحلل والمحرم في الشرع بقول من عنده وكذب وصفه بلسانه، فقال سبحانه:
(ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) ونحن نعلم أن القياس معول على الظن دون العلم، والظن مناف