طريف، لأنكم أقدمتم على وجوه الصحابة الأخيار وعيون الأتقياء الأبرار الذين سبقوا إلى الإسلام، واختصوا بصحبة الرسول، وقطعت أعذارهم الآيات وصدقوا بالوحي، وانقادوا إلى الأمر والنهي، وجاهدوا المشركين، ونصروا رسول رب العالمين، وجب أن يحسن بهم الظنون، ويعتقد فيهم الاعتقاد الجميل، فزعمتم أنهم خالفوا الرسول - صلى الله عليه وآله - وعاندوا أهله من بعده، واجتمعوا على غصب حق الإمام، وإقامة الفتنة في الأنام، واستأثروا في الخلافة إلى الترأس على الكافة، وهذا مما تنكره العقول وتشهد أنه مستحيل، فالتعجب فيكم طويل.
قال الشيعة: أما المؤمنون من أصحابه الأخيار والعيون من الأتقياء الأطهار، فمن هذه الأمور بريئون، ونحن عن ذمهم متنزهون، وأما من سواهم ممن ظهر زللهم وخطأهم، فإن الذم متوجه إليهم، وقبيح فعلهم طرق القول عليهم، ولو تأملت حال هؤلاء الأصحاب لعلمت أنك نفيت عنهم خطأ قد فعلوا أمثاله، ونزهتهم عن خلاف قد ارتكبوا أضعافه، وتحققت أنك وضعت تعجبك في غير موضعه، وأوقعت استطرافك في ضد موقعه، فاحتشمت من خصمك، ورددت التعجب إلى نفسك، وهؤلاء القوم الذين فضلتهم وعصمتهم وأحسنت ظنك بهم ونزهتهم هم الذين دحرجوا الدباب ليلة العقبة بين رجلي ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله طلبا لقتله، وهم الذين كانوا يضحكون خلفه إذا صلى بهم، ويتركون الصلاة معه، وينصرفون إلى تجاراتهم ولهوهم، حتى نزل القرآن يهتف بهم، وهم الذين جادلوا في خروجه إلى بدر وكرهوا رأيه في الجهاد، واعتقدوا أنه فيما دبره على غير الصواب، ونزل فيهم (كما أخرجك ربك من بيتك، بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين لهم كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون).
وهم الذين كانوا يلتمسون من النبي صلى الله عليه وآله بمكة القتال