فذكرتني يوم النفخ في الصور، وأما هذا المصران فمن نفس ستحشر معك إلى الحساب، وأما هذا العود فنبت بحق وقطع لغير حق.
فقال الحجاج: أنا قاتلك! قال سعيد: قد فرغ من تسبب في موتي!
قال الحجاج: أنا أحب إلى الله منك، قال سعيد: لا يقدم أحد على ربه حتى يعرف منزلته منه والله بالغيب أعلم. قال الحجاج: كيف لا أقدم على ربي في مقامي هذا وأنا مع إمام الجماعة وأنت مع إمام الفرقة والفتنة؟ قال سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة ولا أنا براضي عن الفتنة، ولكن قضاء الرب نافذ لا مرد له.
قال الحجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟ قال سعيد: لم أر.
فدعا الحجاج بالذهب والفضة والكسوة والجوهر فوضع بين يديه، قال سعيد: هذا حسن إن قمت بشرطه. قال الحجاج: وما شرطه؟ قال: أن تشتري له بما تجمع الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، وإلا فإن كل مرضعة تذهل عما أرضعت ويضع كل ذي حمل حمله ولا ينفعه إلا ما طاب منه.
قال الحجاج: فترى طيبا؟ قال: برأيك جمعته وأنت أعلم بطيبه.
قال الحجاج: أتحب أن لك شيئا منه؟
قال: لا أحب ما لا يحب الله.
قال الحجاج: ويلك!
قال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة فأدخل النار!
قال الحجاج: اذهبوا فاقتلوه.
قال: إني أشهدك يا حجاج أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، استحفظكهن يا حجاج حتى ألقاك.
فلما أدبر ضحك؟
قال الحجاج: ما يضحكك يا سعيد؟