قال ابن عباس: فخبرني الآن عن هذه الدار من بعده هل هي اليوم على ما تركها محمد صلى الله عليه وآله من كمال عمارتها وقوام حدودها أم هي خربة عاطلة الحدود؟ قال الخارجي: بل هي عاطلة الحدود، خربة.
قال ابن عباس: أفذريته وليت هذه الخراب أم أمته؟ قال: بل أمته.
قال: ابن عباس: أفأنت من الأمة أو من الذرية؟ قال: أنا من الأمة.
قال ابن عباس: يا عتاب فخبرني الآن عنك كيف ترجو النجاة من النار وأنت من أمة قد أخربت دار الله ودار رسوله وعطلت حدودها؟ فقال الخارجي: إنا لله وإنا إليه راجعون! ويحك يا ابن عباس! احتلت والله حتى أوقعتني في أمر عظيم وألزمتني الحجة حتى جعلتني ممن أخرب دار الله، ولكن ويحك يا ابن عباس! فكيف الحيلة في التخليص مما أنا فيه؟
قال ابن عباس: الحيلة في ذلك: أن تسعى في عمارة ما أخربته الأمة من دار الإسلام. قال: فدلني على السعي في ذلك.
قال ابن عباس: إن أول ما يجب عليك في ذلك أن تعلم من سعى في خراب هذه الدار فتعاديه وتعلم من يريد عمارتها فتواليه. قال: صدقت يا ابن عباس، والله ما أعرف أحد في هذا الوقت يحب عمارة دار الإسلام غير ابن عمك علي بن أبي طالب لولا أنه حكم عبد الله بن قيس في حق هو له.
قال ابن عباس: ويحك يا عتاب! إنا وجدنا الحكومة في كتاب الله عز وجل، إنه قال تعالى: " فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما "، وقال تعالى: " يحكم به ذوا عدل منكم ".
قال: فصاحت الخوارج من كل ناحية، وقالوا: فكأن عمرو بن العاص عندك من العدول؟ وأنت تعلم أنه كان في الجاهلية رأسا وفي الإسلام ذنبا، وهو الأبتر ابن الأبتر ممن قاتل محمدا صلى الله عليه وآله وفتن أمته من بعده.