ولي الله أن ربه أشرف عليه أو ملك من ملائكته فيرفع رأسه فإذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه قال: فتناديه قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة، قال فيقول لها: ومن أنت؟ قال: فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: (لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد) فيجامعها في قوة مائة شاب ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين، وما يدري أينظر إلى وجهها أم إلى خلفها أم إلى ساقها، فما من شئ ينظر إليه منها إلا رأى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها وصفائها، ثم تشرف عليه أخرى أحسن وجها وأطيب ريحا من الأولى فتناديه فتقول: قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة، قال: فيقول لها: ومن أنت؟ فتقول: أنا ممن ذكر الله في القرآن: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون)، قال: وما من أحد يدخل الجنة إلا كان له من الأزواج خمسمائة حوراء، مع كل حوراء سبعون غلاما وسبعون جارية كأنهم اللؤلؤ المنثور، وكأنهن اللؤلؤ المكنون - وتفسير المكنون بمنزلة اللؤلؤ في الصدف لم تمسه الأيدي ولم تره الأعين، وأما المنثور فيعني في الكثرة، وله سبع قصور في كل قصر سبعون بيتا، وفي كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا عليها زوجة من الحور العين (تجري من تحتهم الأنهار) من ماء غير آسن صاف ليس بالكدر (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) لم يخرج من ضرع المواشي (وأنهار من عسل مصفى) لم يخرج من بطون النحل (وأنهار من خمر لذة للشاربين) لم يعصره الرجال بأقدامهم، فإذا اشتهوا الطعام جاء بهم طيور بيض يرفعن أجنحتهن، فيأكلون من أي الألوان اشتهوا جلوسا إن شاؤوا أو متكئين، وإن اشتهوا الفاكهة تسعبت (1) إليهم أغصان فأكلوا من أيها اشتهوا، قال:
(والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار) فبينا هم كذلك إذ يسمعون صوتا من تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون