وكتاب فيه هذه الحياة لا ينفك عن صاحبه بحال، ولا تحسب أن للكتب حياة خاصة مستقلة، فليست حياة الكتب غير حياة المؤلفين والكتاب نفسها، فإذا سمعت نبأة، وأدركت حسا في كتاب، فإنما تسمع جرس الكاتب، وتحس حسه عينه.
وبعد فسأتركك عند هذا القدر من المعرفة بهذا الإمام، ولك أن تكتفي به، ولك أن لا تكتفي منه، فبحسبي أن أشعرك بطرف مما عرفت منه، وأنا انغمس في هذه - المراجعات -. وبحسبك مني أن ترى منزلته من نفسي: كعالم يضم إلى علمه فنا من الأدب منقطع النظير، ولك أن تثق بي حين تعتبرني دليلا، أمينا سليم الاختيار بترجمة هذه الذخيرة، وضمها إلى مؤثلات لغتنا الحية.
مولده ونشأته على أني لا أرى لك أن تقتصر من معرفته على هذا المقدار، كما لا أرى لك أن تجتزئ بطائر اسمه، وسعة شهرته في العالم الاسلامي، وإنما أرى أن تتجاوز ذلك إلى الإحاطة بشئ من حياته، وبشئ من ظروفه التي قدرت له هذه الحياة.
ولد السيد عبد الحسين شرف الدين - أورف الله ظله - في الكاظمية سنة 1290 ه. من أبوين كريمين تربط بينهما أواصر القربى، ويوحد نسبهما كرم العرق، فأبوه الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف إسماعيل، وأمه البرة (الزهراء) بنت السيد هادي بن السيد محمد علي، منتهيين بنسب قصير إلى شرف الدين أحد أعلام هذه الأسرة الكريمة.