ثم درج في بيت مهدت له أسباب الزعامة العلمية، ورفعت دعائمه على أعلام لهم في دنيا الاسلام، ذكر محمود، وفضل مشهود، وخدمات مشكورة، فكانت طبيعة الإرث الأثيل، تحفزه للنهوض من جهة، ودواعي الحياة تشحذ ثباته وتصفي جوهره من جهة أخرى، وتربيته الصالحة - كانت قبل ذلك - تصوغه على خير مثال يصاغ عليه الناشئ الموهوب، فهو أني التفت من نواحي منشئه الكريم، أستقي النشاط والتوفر على ما بين يديه من حياة: مؤملة لخيره ولخير من وراءه من الناس.
ثم شبل في هذا البيت الرفيع، يرتع في رياض العلم والأخلاق، ويتوغل في معارج الكرامة، فلما بلغ مبلغ الشباب الغض اصطلحت عليه عوامل الخير، وجعلت منه صورة للفضيلة، ثم كان لهذه الصورة التي انتزعها من بيته وبيئته وتربيته أثر واضح في نشأته العلمية، ثم في مكانته الدينية بعدئذ. فلم يكد يخطو الخطوة الأولى في حياته العلمية حتى دلت عليه كفايته، فعكف عليه طلابه وتلامذته، وكان له في منتديات العلم في سامراء والنجف الأشرف صوت يدوي، وشخص يومأ إليه بالبنان.
ومنذ ذلك اليوم بدأ يلتمح نجمه في الأوساط العلمية، ويتسع إشراقة كلما توسع هو في دراسته، وتقدم في مراحله حتى ارتاضت له الحياة العلمية، على يد الفحول من أقطاب العلم في النجف الأشرف وسامراء، كالطباطبائي، والخراساني، وفتح الله الأصفهاني، والشيخ محمد طه نجف، والشيخ حسن الكربلائي، وغيرهم من أعلام الدين وأئمة العلم.