أحواله وأقواله، وله في نصرة مذهبنا من المصنفات ما أشرنا إليه، فلا يجوز أن يخفى علينا من أقواله - وهو من سلفنا وفرطنا - ما ظهر لغيرنا، مع بعدهم عنه في المذهب والمشرب، على أن ما نقله الشهرستاني - في الملل والنحل من عبارة هشام - لا يدل على قوله بالتجسيم. وإليك عين ما نقله، قال: وهشام ابن الحكم صاحب غور في الأصول، لا يجوز أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة، فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنه ألزم العلاف، فقال: إنك تقول الباري عالم بعلم، وعلمه ذاته، فيكون عالما لا كالعالمين، فلم لا تقول: هو جسم لا كالأجسام. ا ه. ولا يخفى أن هذا الكلام إن صح عنه فإنما هو بصدد المعارضة مع العلاف، وليس كل من عارض بشئ يكون معتقدا له، إذ يجوز أن يكون قصده اختبار العلاف، وسبر غوره في العلم، كما أشار الشهرستاني إليه بقوله: فإن الرجل وراء ما يلزمه على الخصم، ودون ما يظهر من التشبيه. على أنه لو فرض ثبوت ما يدل على التجسيم عن هشام، فإنما يمكن ذلك عليه قبل استبصاره، إذ عرفت أنه كان ممن يرى رأي الجهمية، ثم استبصر بهدي آل محمد، فكان من أعلام المختصين بأئمتهم، لم يعثر أحد من سلفنا على شئ مما نسبه الخصم إليه، كما أنا لم نجد أثرا ما لشئ مما نسبوه إلى كل من زرارة بن أعين، ومحمد بن مسلم، ومؤمن الطاق، وأمثالهم، مع أنا قد استفرغنا الوسع والطاقة في البحث عن ذلك، وما هو إلا البغي والعدوان، والإفك والبهتان، * (ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) *.
أما ما نقله الشهرستاني عن هشام من القول بإلهية علي، فشئ يضحك الثكلى، وهشام أجل من أن تنسب إليه هذه الخرافة والسخافة، وهذا كلام هشام في التوحيد ينادي بتقديس الله عن الحلول، وعلوه عما يقوله الجاهلون، وذاك كلامه في الإمامة والوصية يعلن بتفضيل رسول الله صلى الله عليه وآله على علي، مصرحا بأن عليا من جملة أمته ورعيته، وأنه وصيه وخليفته، وأنه من عباد