الرؤيا بعد خمسين سنة.
وفي رسالة القشيري في باب الجود والسخاء: إن عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم وفيهم غلام أسود يعمل عليها إذ اتى الغلام بغدائه وهو ثلاثة أقراص، فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله، ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما وعبد الله بن جعفر ينظر فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال:
ما رأيت، قال: فلم آثرت هذا الكلب؟ قال: إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب وإنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده، فقال له عبد الله بن جعفر: فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي (1) يومي هذا، فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه: الام على السخاء وهذا أسخى مني، ثم إنه اشترى الغلام فأعتقه واشترى الحائط وما فيه ووهب ذلك له (2).
ودخل أبو العلاء المعري يوما على الشريف المرتضى فعثر برجل فقال الرجل:
من هذا الكلب؟ فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما، فقربه المرتضى واختبره فوجده علامة، وإنه جرى (3) ذكر المتنبي يوما فتنقصه الشريف المرتضى وذكر معايبه فقال أبو العلاء المعري: لو لم يكن من شعر المتنبي إلا قوله (4).
لك يا منازل في القلوب منازل.
لكفاه شرفا وفضلا، فغضب الشريف المرتضى وأمر بسحبه (5) وإخراجه من مجلسه، ثم قال لمن حضر مجلسه: أتدرون أي شئ أراد هذا الأعمى بذكر هذه