القتل فأمر بحبسه بعد أن ضربه فلم يقر فلزم الكلب باب الحبس، فلما كان بعد أيام أمر الراضي باطلاقه، فلما خرج من باب الحبس تعلق الكلب (1) كما فعل أولا فعجب الناس من ذلك وجهدوا على خلاصه منه فلم يقدروا على ذلك إلا بعد جهد جهيد، وأخبر الراضي بذلك فأمر بعض غلمانه أن يطلق الرجل ويرسل الكلب خلفه ويتبعه فإذا دخل الرجل داره بادره ودخل وأدخل الكلب (2) ومهما رأى الكلب يعمل يعلمه بذلك، ففعل ما أمره به، فلما دخل الرجل داره بادره غلام الخليفة ودخل وأدخل الكلب معه ففتش البيت فلم ير أثره ولا خبره (3) وأقبل الكلب ينبح ويبحث عن موضع البئر التي طرح فيها القتيل، فعجب (4) الغلام من ذلك وأخبر الراضي بأمر الكلب فأمر بنبشه فنبشه الغلام فوجد الرجل قتيلا، فأخذ (5) صاحب الدار إلى بين يدي الراضي فأمر بضربه فأقر على نفسه وعلى جماعة بالقتل فقتل فطلب الباقون فهربوا.
وفي عجائب المخلوقات أن شخصا قتل شخصا بأصبهان وألقاه في بئر وللمقتول كلب يرى ذلك، فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر وينحي التراب عنها ويشير إليها، وإذا رأى القاتل نبح عليه، فلما تكرر ذلك منه حفروا البئر فوجدوا القتيل بها، ثم أخذوا الرجل وقرروه فأقر فقتلوه به.
وذكر ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس وأنس الجالس أنه قيل لجعفر الصادق عليه السلام: وهو أحد الأئمة الاثني عشر: كم تتأخر الرؤيا؟ فقال: خمسين سنة لان النبي صلى الله عليه وآله رأى كأن كلبا أبقع ولغ في دمه فأوله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين عليه السلام، وكان أبرص فتأخرت