حصر المحرمات في أشياء معدودة ليس هذا منها، ويمكن تقييده بما إذا كان في بلاد المسلمين، وكأنه الظاهر بل يمكن تخصيصه بما إذا دلت القرائن على أنها كانت من مسلم، ولا ينافيه قول السائل: " أو سفرة مجوسي " إذ محض الاحتمال يكفي لهذا السؤال، لكن قوله: " حتى يعلموا " يدل على أن مع الظن بكونه من كافر يجوز أكله إلا أن يحمل العلم على ما يعم الظن، والمشهور بين الأصحاب خلافه، والأصل عندهم عدم التذكية حتى يعلم بها أو يؤخذ من يد مسلم أو من سوق المسلمين، حتى بالغ بعضهم بأن جلد المصحف إذا وجد في مسجد جلده في حكم الميتة، وذهب بعض الأصحاب إلى أنه يجوز التعويل على الامارات المفيدة للظن في ذلك، قال الشهيد الثاني قدس سره في التقاط النعلين والإداوة والسوط: لا يخفى أن الأغلب على النعل، أن يكون من الجلد وكذا الإداوة والسوط، وإطلاق الحكم بجواز التقاطها إما محمول على ما لا يكون منها من الجلد لان المطروح منه مجهولا ميتة لأصالة عدم التذكية، أو محمول على ظهور أمارات تدل على ذكاته، فقد ذهب بعض الأصحاب إلى جواز التعويل عليها.
وقال العلامة رحمه الله في التحرير لو وجد ذبيحة مطروحة لم يحل له أكلها ما لم يعلم أنها تذكية مسلم أو يوجد في يده (1).
وقال المحقق الأردبيلي نور الله ضريحه في شرح الارشاد: دليل اجتناب اللحم المطروح غير معلوم الذبح هي أن الأصل في الميتة التحريم، لان زوال الروح معلوم والتذكية مشروطة بأمور كثيرة وجودية والأصل عدمها، ولكن قد يعلم بالقرائن و لهذا يعلم الهدي إذا ذبح، ويدل عليه بعض الأخبار أيضا عموما مثل صحيحة عبد الله بن سنان من تغليب الحلال وخصوصا رواية السكوني - وذكر هذه الرواية - ثم قال:
وضعف السند لا يضر لأنها موافقة للعقل ولغيرها، وفيها أحكام كثيرة: منها طهارة اللحم المطروح والجلد كذلك، ويحمل على وجود القرينة الدالة على كونهما كانا في