ومع هذا الاشتهار فطريقها لا يخلو من ضعف فلتوقف المصنف عن موافقتهم في الحكم وجه وجيه، وظاهر الرواية أنه لا يحكم بحل اللحم وعدمه باختبار بعضه بل لابد من اختبار كل قطعة منه على حدة، ويلزم كل واحدة حكمها بدليل قوله " كل ما انقبض فهو حلال وكل ما انبسط فهو حرام " ومن هنا مال الشهيد رحمه الله في الدروس إلى تعديتها إلى اللحم المشتبه منه الذكي بغيره فيتميز بالنار كذلك انتهى (1).
وأقول عبارة الفقه أحسن من عبارة هذا الخبر، ويدل على الاكتفاء بالقطعة في الحكم على الكل، ومما ذكره رحمه الله من امتحان كل قطعة إن كان مراده القطعات المتصلة ففي غاية البعد، ويلزم أن نفصل حيث أمكن ونختبر بل إلى الاجزاء التي لا تتجزى مع إمكان وجودها، وإن أراد القطعات المنفصلة فإن لم تعلم كونها من حيوان واحد فلا ريب أنه كذلك ومع العلم فيه إشكال والأحوط التعدد.
ثم اعلم أنه لا تنافي بين رواية شعيب ورواية السكوني فان الأولى ظاهرة في الني غير المطبوخ، والثانية في المطبوخ، وبعد الطبخ لا يفيد الامتحان إذ الظاهر أن الانقباض في المذكى لأنه يخرج منه أكثر الدم الكائن في العروق فينجمد على النار، والميتة غالبا لا يخرج منه الدم فينجمد في العروق، فإذا مسته النار تسيل الدماء وتنبسط اللحم وبعد الطبخ تخرج منه الرطوبات ولا يبقى فيه شئ حتى يمكن امتحانه بذلك.
فان قيل: جوابه عليه السلام يشمل هذا المورد أيضا.
قلت: قوله: " هم في سعة " لا عموم فيه، ولو قيل: برجوع الضمير إلى الناس فيمكن حمل هذا الخبر على الاستحباب، أو يقال كونهم في سعة إذا لم يكن لهم طريق إلى العلم، وههنا لهم طريق إليه.