فقال: مرحبا برسول حجة الله على خلقه، وأخذ الكتاب وقرأه وقال: أتحب أن ترى أباك؟ قلت: نعم، قال: فلا تبرح من موضعك حتى آتيك به، فإنه بضجنان (1).
فانطلق فلم يلبث إلا قليلا حتى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود، فقال (لي) (2): هذا أبوك وغيره اللهب، ودخان الجحيم، وجرع الحميم، والعذاب الأليم، فقلت: أنت أبي؟ قال: نعم. قلت: ما غيرك عن صورتك؟!
قال: إني كنت أتولى بني أمية وأفضلهم على أهل البيت رسول الله - صلى الله عليه وآله - فعذبني الله على ذلك، وإنك تتولى أهل بيت النبي - صلى الله عليه وآله -، وكنت أبغضك على ذلك، وحرمتك مالي، وزويته عنك، وأنا اليوم على ذلك من النادمين، فانطلق إلى كنيستي (3) واحتفر تحت الزيتونة وخذ المال وهو مائة وخمسون ألفا، فأدفع إلى محمد بن علي - صلوات الله عليه - خمسين ألفا، ولك الباقي، قال: فاني منطلق حتى آتي بالمال.
قال أبو عيينة: فلما حال الحول قلت لأبي جعفر - صلوات الله عليه -: ما فعل الرجل؟ قال: (قد جاء (4) بالخمسين ألفا، قضيت منها، دينا كان علينا (5) وابتعت منها أرضا، ووصلت منها أهل الحاجة من أهل بيتي،