فدخلت عليه وأنا باك، فسلمت عليه وقبلت يده ورأسه، فقال لي:
وما يبكيك يا محمد؟
فقلت: جعلت فداك، أبكي على اغترابي، وبعد شقتي (1) وقلة القدرة على المقام عندك أنظر إليك. فقال لي: أما قلة القدرة فكذلك جعل الله أوليائنا وأهل مودتنا، وجعل البلاء إليهم سريعا. وأما ما ذكرت من الغربة، فان المؤمن في هذه الدنيا لغريب (2)، وفي هذا الخلق منكوس (3) حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله.
وأما ما ذكرت من بعد الشقة، فلك بأبي عبد الله - عليه السلام - أسوة، بأرض نائية عنا بالفرات. وأما ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا، وأنك لا تقدر على ذلك، والله يعلم ما في قلبك، وجزاءك عليه.
ورواه ابن شهرآشوب في المناقب: قال: قيل لأبي جعفر - عليه السلام - محمد بن مسلم وجع. فأرسل إليه بشراب مع الغلام (فقال الغلام:) (4) أمرني أن لا أرجع حتى تشربه، فإذا شربته فأته، ففكر محمد فيما قيل، وهو لا يقدر على النهوض، فلما شرب واستقر الشراب في جوفه، صار كأنما أنشط من عقال.
وساق الحديث، وفي آخره وأما ما ذكرت من حبك قربنا، والنظر إلينا وأنك لا تقدر على ذلك، فلك ما في قلبك وجزاءك عليه. (5)