وكان ابن أبي عقيل لا يرى حجية خبر الواحد، وكانت فتاواه تعتمد على الأمور المسلمة في القرآن والحديث، ولم يعتمد إلا على الأحاديث التي لا شك ولا شبهة فيها، والتي هي قوية محكمة، وكانت آراء ابن أبي عقيل مورد تقدير واحترام العلماء الأعلام.
وأما ابن الجنيد فقد كان يرى حجية الأحاديث المذهبية، الغير القطعية.
ولأجل الدفاع عن نفسه أمام هجمات علماء زمانه ألف كتبا عديده منها (كشف التمويه والإلباس على إغمار الشيعة في أمر القياس) و (إظهار ما سره أهل العناد من الرواية عن أئمة العترة في أمر الاجتهاد) وهو أثر بين في كيفية استدلاله في الفقه، وكتابه (المسائل المصرية) أثر بين في طريقته الفقهية.
وقد ظهر نتيجة لاختلاف مسلك المحدثين، ومسلك القديمين في الفقه، مسلك ضعيف لم يستمر طويلا، وهو مسلك يعتمد الظاهر في الأحكام الفقهية، ومن أهم القائمين به أبو الحسين الناشي علي بن عبد الله بن وصيف، المتوفى 366 ه، وقد انقرض ولم يبق منه أثر في الفقه الشيعي.
3 - علماء جمعوا بين المباني العقلية والحديث في استنباط الأحكام الشرعية، ومن أعلامهم:
أ - الشيخ المفيد المتوفى سنة 413.
كان مجددا في الفقه والكلام بلا شك وقد استطاع أن يفرض وجود مدرسة أهل البيت عليهم السلام على الأجواء العلمية المتحكمة آنذاك في بغداد.
قال اليافعي في مرآة الجنان: عالم الشيعة، وإمام الرافضة، صاحب التصانيف الكثيرة، المعروف بالمفيد، وبابن المعلم أيضا، البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان ينازع كل عقيدة بالجلالة والعظمة، ومقدما في الدولة البويهية، وكان كثير الصدقات عظيم الخشوع وكثير الصلاة والصوم حسن اللباس (1).
وقد تمكن المفيد من أن يكهرب الجو بندواته العلمية، ويوجه إليه الأنظار وتطلع إليه الأفئدة تروم الارتشاف من ينابيع علمه، وتجتذب نحوه القلوب