الحديث، وقد تمكن باستدلالاته العلمية القوية، وتفريعاته على أمهات المسائل الفقهية من تأليف كتاب (المبسوط) وكتاب (الخلاف)، والكتابان ذوا محتوى علمي جبار، يعكس مدى مستوى الفكر الشيعي آنذاك.
وكان الشيخ الطوسي أول من عالج الفقه الاستدلالي مشروحا مبسطا في كتابه (المبسوط) وقد كتب في مقدمة كتابه أن الإمامية لم يكونوا يفرعون الفروع إلى زمانه، وكانوا يقفون عند النصوص التي وصلت إليهم من المتقدمين من المحدثين.
ولقد اعتمد الشيخ على الإجماعات كثيرا، وذلك عند إعواز النصوص وعدم وجود دليل، معتقدا أن إجماع الطائفة يوحي بوجود قول في الأمر، فخطى الفقه والبحث المنهجي خطوات نحو الإمام في هذه المرحلة الجديدة، فدخل دورا آخر بعد أن ترك أدوارا خاض غمارها في ثلاثة قرون.
وقد أوجب الشيخ الطوسي في كتاب (العدة) العمل بالخبر من طريق المخالفين إذا لم يكن للشيعة في حكمه خبر مخالف، ولا يعرف لهم فيه قول كيف وقد عملت الشيعة بما رواه حفص بن غياث العامي الكوفي القاضي وغيره من غير الشيعة...
وأنهم يأخذون بالإجماع إذا كان كاشفا كشفا قطعيا عن سنة الرسول (صلى الله عليه وآله) وقد ملئت كتبهم الفقهية من الاستدلال به، ككتب الشيخ والسيد المرتضى والعلامة وغيرهم، حتى أن بعض علماء الشيعة يعمل بالإجماع الذي ينقله مالك عن أهل المدينة في موطئه، لكشفه عن رأي المعصوم عنده، ويعمل الشيعة بالرأي إن كشف عن الحكم الشرعي كشفا قطعيا لا ظنيا لعدم حجية الظن (1).
وألف الشيخ كتاب (النهاية) الذي كان محور الدراسات الحوزوية لعدة قرون.
وكان فقه شيخ الطائفة - بما فيه من تطور ملحوظ ودقة متناهية وتطور في