وقد ظهر كما قلنا أكثر من خمسين مذهبا كل له إمامه المجتهد الخاص به، ثم عملت السلطة على حصر المذاهب في أربعة مختارة هي: الحنفي والشافعي والمالكي، والحنبلي، وبدأ بذلك طور التقليد.
طور التقليد: يتحدد هذا الطور بأوائل القرن الرابع الهجري حيث انسد باب الاجتهاد عند أهل السنة، ولم ير مجتهد بعد محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 ه، وقد اختفى في هذا الطور - تقريبا - ظهور أئمة مجتهدين مستقلين معترف لهم بذلك من الرأي العام الفقهي.
على أنه لم يخل ممن ادعى الاجتهاد المطلق، فهذا عبد الوهاب السبكي صاحب الجوامع والطبقات يكتب في ورقه لنائب الشام:
(أنا اليوم مجتهد الدنيا على الإطلاق، ولا يقدر أحد يرد على هذه الكلمة) (1).
وكثر في هذا الطور المجتهدون المنتسبون، وهم الذين اجتهدوا في حدود المذهب الذي يتبعونه.
ومن هؤلاء عند الحنفية: أبو جعفر الطحاوي المتوفى 321 ه، والجصاص المتوفى 370 ه، وشمس الأئمة السرخسي المتوفى 483 ه.
ومنهم عند الشافعية: القفال الكبير الشاشي المتوفى 507 ه، وإمام الحرمين المتوفى 478 ه، والرافعي المتوفى 623 ه، والغزالي المتوفى 505 ه، والنووي المتوفى 676 ه.
ومنهم عند المالكية: ابن أبي زيد القيرواني المتوفى 386 ه، وابن رشد المتوفى 520 ه، واللخمي المتوفى 478 ه.
ومنهم عند الحنابلة: أبو بكر الخلال المتوفى 311 ه، وموفق الدين بن قدامة المتوفى 620 ه، وابن القيم المتوفى 751 ه.