السند لا حسب أبواب الفقه فجمع لكل صحابي أحاديثه، وقد توفي قبل أن ينقحه ويهذبه، وقد رواه عنه ابنه عبد الله بعد أن نقحه وهذبه، واتهم بأنه أضاف للمسند بعض الأخبار الموضوعة.
ولم يكتب في الفقه إلا ما أجاب به عن بعض المسائل، والمنقول عنه أنه حرم على تلاميذه كتابة الفقه إلا أنهم كتبوا الفقه، وممن كتب من تلاميذه عبد الملك بن مهران وجمع هو وغيره فتاويه وأقواله الفقهية وجعلوها أساسا لمذهبه الذي نسبوه إليه.
ومن أشهر أصحاب أحمد وتلاميذه أحمد بن هاني الأثرم الذي روي عنه الفقه والحديث، وعبد الملك الذي كتب الفقه عنه، وولداه صالح الذي ورث الفقه عن أبيه وولي القضاء على خلاف سنة أبيه، وعبد الله الذي ورث الحديث عن أبيه وأشهر ما رواه المسند.
وطريقة أحمد في الاستنباط الفقهي أن يأخذ بالنص كتابا أو سنة حتى المرسل والضعيف منها، وكان يقدم الكتاب على السنة، عند التعارض في الظاهر، وكان إذا أعوزه النص أخذ بفتاوي الصحابة التي لم يختلفوا فيها. وعند الاختلاف بين الصحابة يرجح قول من كان أقرب للكتاب أو السنة، فإن لم يظهر له ما هو أقرب حكى الخلاف.
وكان أحمد - كما نقل عنه - يقدم الحديث المرسل على القياس والرأي إذا لم يكن ما يعارضه من الكتاب أو السنة أو قول الصحابي أو اتفاق على خلافه، وإلا استعمل القياس والاستصحاب والذرائع، والمصالح المرسلة.
وكانت القاعدة عنده في العقود والشرائط هي قاعدة الإباحة إلا إذا قام الدليل على المنع (1).
ويحكى أن محمدا بن جرير الطبري صاحب التفسير والتاريخ ألف كتابا ذكر فيه اختلاف الفقهاء ولم يذكر أحمد بن حنبل فقيل له في ذلك فقال: لم يكن فقيها وإنما كان محدثا (2).