الأولى، والدولة - كما نعلم - تحتاج إلى قوانين لتنظيم أمور المجتمع الاقتصادية والسياسية... فكان القرآن الكريم ينزل مبينا الطريق الصحيح للإنسان في هذه الحياة.
وأما الآيات القرآنية النازلة على الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في المدينة المنورة فهي ثلث القرآن تقريبا تبين الأحكام والقوانين الشرعية، كمسائل البيع والرهن والإجارة والحقوق والحدود، إضافة الأحكام العبادية كالحج والزكاة والجهاد وغيرها.
هذه الآيات الكريمة التي نزلت في المدينة المنورة هي التي أصبحت - فيما بعد - المصدر الأساس لفقهاء المسلمين في استنباط الأحكام التي يحتاجها المجتمع الإسلامي، والتي تنظم حياة المسلمين، وتضمن لهم سعادة الدارين.
وكان النبي صلى الله عليه وآله يبين للناس هذه الأحكام.
واستمر بعد النبي (صلى الله عليه وآله) الأئمة المعصومون من آله يقومون مقامه في تبيين الأحكام الشرعية.
وقد دون أمير المؤمنين (عليه السلام) كتاب (الجامعة) وهي من إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام) وهي في جلد أدم طولها سبعون ذراعا، وقد تواتر نقل مضمونها في أحاديث الأئمة (عليهم السلام).
وكان لسلمان رضي الله عنه مدونة من حديث النبي (صلى الله عليه وآله).
وهذا الدور هو دور التشريع، وهو أول أدوار الفقه الشيعي، وقد استمر إلى سنة 260 ه.
ويخطئ من يظن أنه لم يكن في هذا الدور فقهاء وعلماء في الشريعة فقد كان النبي والأئمة عليهم السلام يؤكدون لأعلام شيعتهم على الإكثار من البحث في أمهات المسائل العلمية، وما إرسال الإمام الصادق عليه السلام لهشام إلا إحدى تلك الصور، فكانوا يهيئونهم لمراحل أقوى وأكثر.