واتصل محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة - ثم رجع لمكة المكرمة، ثم عاد للعراق مرة ثانية سنة 195 ه زمان خلافة محمد الأمين، ثم عاد للحجاز، وفي سنة 198 ه قدم العراق مرة ثالثة، ومنه سار إلى مصر ونزل بالفسطاط ولم يزل بها حتى مات سنة 204 ه (1).
ومن أشهر تلاميذ الشافعي أبو ثور وأحمد بن حنبل والحسن الزعفراني والحسين الكرابيسي وأحمد بن يحيى البغدادي.
قال الدهلوي:
جاء الإمام الشافعي في أوائل ظهور مذهبي الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك، وترتيب أصولها وفروعها، فنظر في صنيع الأوائل، فلم يأخذ ببعض ما أخذوا به كالحديث المرسل، وكمل بعض النواقص الموجودة في تلك المذاهب حسب اعتقاده - فوضع أصولا، وقواعد دونها في كتاب يعتبر أول تدوين وصلنا في أصول الفقه، وعمل بالأحاديث التي لم تبلغ من قبله، أولم تصح في نظرهم، فاجتهدوا بآرائهم أو اتبعوا العمومات، أو اقتدوا ببعض الصحابة، أو ظهرت بعد الأئمة، وتركها الأتباع، ظنوا عدم أخذ الإمام بها، وترك شيوخ أهل البلد إياها علة قادحة فيها، وترك بعض أقوال بعض الصحابة لكونه مخالفا للحديث، وأبطل العمل بالرأي الذي هو بمعنى نصب مظنة الحرج، أو مظنة المصلحة علة للحكم والذي اختلط بالقياس الذي يجيزه الشرع (2).
وطريقة الشافعي في الاستنباط أن يأخذ بظواهر القرآن إلا إذا قام الدليل على عدم إرادة ظاهرها، وبعده بالسنة، وكان يعمل بخبر الواحد الثقة الضابط ولو لم يكن مشهورا خلافا للحنفية، ولا موافقا لعمل أهل المدينة خلافا لمالك، ثم يعمل بعد ذلك بالإجماع وعدم الخلاف، ثم بعد ذلك يعمل بالقياس إذا كانت علته منضبطة.
ورد أشد الرد على عمل الحنفية بالاستحسان، وألف فيه كتابا سماه