داود، درس فقه أهل العراق ومالك والشافعي على رجاله، ولم ير أحمد فقيها وما رآه إلا محدثا، ولذا شنعوا عليه بعد موته، وبعد أن نضج كان له مذهب في الفقه اختاره لنفسه، وكان له أتباع، من أجلهم المعافى النهرواني القاضي، وكانت له ولأتباعه مؤلفات فقهية لكنها لم تصل إلينا، ولولا تفسيره الجليل ما وصل إلينا هذا القدر القيم من مذهبه، ولم نقف حتى الآن على أنه كان له أتباع موجودون بعد القرن الرابع (1).
وبعد اندثار القسم الكبير من هذه المذاهب بقيت مذاهب أخرى منها ما شاع في أقطار خاصة بعيدة عن مركز الدولة كالأباضية: وهم أتباع عبد الله بن أباض الخارجي المعروف المتوفى سنة 86 هجرية في عهد عبد الملك بن مروان، وقد وجدت الحركة الأباضية تربتها الخصبة في بلاد العرب، وبخاصة في عمان، حيث أصبحت بتوالي الزمن المذهب السائد بها، ودخل هذا المذهب المغرب وانتشر بين البربر.
المذهب المالكي: ينتسب إلى مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المتولد عام 93 ه بالمدينة ووالده غير إنس الصحابي المعروف، وتوفي عام 179، عاش ردحا من عمره في دولة الأمويين، واستمر به الشوط إلى دولة العباسيين.
تفقه على الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وربيعة الرأي التابعي وسمع الحديث من نافع مولى ابن عمر والزهري.
وأشهر تلاميذه الشافعي ومحمد بن الحسن الشيباني وأسد بن الفرات وعبد الله بن وهب.
بزغ نجمه في زمن المنصور، وقد ألح عليه المنصور أن يكون مفتي الدولة وقد ضمن له حمل الرعية على آرائه الفقهية، ولعل ذلك كان من المنصور حدا من تمادي انتشار مدرسة الإمام الصادق (عليه السلام).
وانتشر مذهبه في الأندلس وشمال أفريقيا.
ولمالك كتاب أسماه (الموطأ) وكيفية تأليفه للكتاب أنه لقي المنصور في