____________________
والعذرة إذا امتزجت بالتراب، وتقادم عهدها حتى استحالت ترابا نظر).
ينشأ من أن أجزاء النجاسة باقية لم تزل، وإنما تغيرت الصورة، وكما أن النجاسة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل، كذا حصول الطهارة موقوف على الدليل ولم يثبت، ومن أن مناط النجاسة هو تلك الصورة مع الاسم، لأن أحكام الشرع جارية على المسميات بواسطة الأسماء، لأن المخاطب بها كافة الناس، فينزل على ما هو المتفاهم بينهم عرفا أو لغة كما يليق بالحكمة، ولا ريب أن الذي كان من أفراد نوع الكلب قبل الاستحالة، بحيث يصدق عليه اسمه، قد زال عنه ما كان، وصار في الفرض من أفراد الملح، بحيث لا يصدق عليه ذلك الاسم، بل يعد إطلاقه غلطا.
وكذا القول في العذرة بعد صيرورتها ترابا، فيجب الآن أن يجري عليها الأحكام المرتبة شرعا على التراب والملح، على أن جميع ما أجمعوا على طهارته من نحو العذرة تصير دودا، والمني يصير حيوانا طاهر العين، ونحو ذلك، لا يزيد على هذا، فكان التوقف في الطهارة هنا لا وجه له.
وقد خرج الشارح الفاضل ولد المصنف بقاء النجاسة، تارة على كونها ذاتية لهذه الأعيان، وأخرى على أن الباقي مستغن عن المؤثر، وزوالها على احتياجه (1)، وهو تخريج غير واضح، لأن المراد بكون النجاسة ذاتية للشئ حكم الشارع بها، لا باعتبار طروء شئ آخر عليه، وهذا لا دخل له في بقاء النجاسة وزوالها، وليس المراد بكونها ذاتية معنى آخر، ولو أريد لم يستقم.
وبناء الطهارة على احتياج الباقي غير واضح، لأن احتياجه في الإبقاء لا يقتضي زواله باختلاف الزمان، لا بتغير محله، وإلا لكان الحكم الشرعي الثابت - بدليل - في كل آن زائلا، أو بكل تغير يعرض لمحله، وهو معلوم الفساد، وقد تقرر في الأصول: أن استصحاب الحال حجة إلى أن يحصل الناقل.
فإن قيل: لما كان المقتضي للنجاسة هو تعليق الشارع إياها بالاسم والصورة
ينشأ من أن أجزاء النجاسة باقية لم تزل، وإنما تغيرت الصورة، وكما أن النجاسة حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل، كذا حصول الطهارة موقوف على الدليل ولم يثبت، ومن أن مناط النجاسة هو تلك الصورة مع الاسم، لأن أحكام الشرع جارية على المسميات بواسطة الأسماء، لأن المخاطب بها كافة الناس، فينزل على ما هو المتفاهم بينهم عرفا أو لغة كما يليق بالحكمة، ولا ريب أن الذي كان من أفراد نوع الكلب قبل الاستحالة، بحيث يصدق عليه اسمه، قد زال عنه ما كان، وصار في الفرض من أفراد الملح، بحيث لا يصدق عليه ذلك الاسم، بل يعد إطلاقه غلطا.
وكذا القول في العذرة بعد صيرورتها ترابا، فيجب الآن أن يجري عليها الأحكام المرتبة شرعا على التراب والملح، على أن جميع ما أجمعوا على طهارته من نحو العذرة تصير دودا، والمني يصير حيوانا طاهر العين، ونحو ذلك، لا يزيد على هذا، فكان التوقف في الطهارة هنا لا وجه له.
وقد خرج الشارح الفاضل ولد المصنف بقاء النجاسة، تارة على كونها ذاتية لهذه الأعيان، وأخرى على أن الباقي مستغن عن المؤثر، وزوالها على احتياجه (1)، وهو تخريج غير واضح، لأن المراد بكون النجاسة ذاتية للشئ حكم الشارع بها، لا باعتبار طروء شئ آخر عليه، وهذا لا دخل له في بقاء النجاسة وزوالها، وليس المراد بكونها ذاتية معنى آخر، ولو أريد لم يستقم.
وبناء الطهارة على احتياج الباقي غير واضح، لأن احتياجه في الإبقاء لا يقتضي زواله باختلاف الزمان، لا بتغير محله، وإلا لكان الحكم الشرعي الثابت - بدليل - في كل آن زائلا، أو بكل تغير يعرض لمحله، وهو معلوم الفساد، وقد تقرر في الأصول: أن استصحاب الحال حجة إلى أن يحصل الناقل.
فإن قيل: لما كان المقتضي للنجاسة هو تعليق الشارع إياها بالاسم والصورة