اشتهوا جلوسا " إن شاؤوا أو متكئين، وإن اشتهوا الفاكهة تسعبت (1) إليهم أغصان فأكلوا من، أيها اشتهوا، قال: " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " فبينا هم كذلك إذ يسمعون صوتا " من تحت العرش: يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم؟ فيقولون: خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا، قد سمعنا الصوت و اشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد، فيأمر الله الحجب، فيقوم سبعون ألف حجاب، فيركبون على النوق والبراذين، عليهم الحلي والحلل فيسيرون في ظل الشجر حتى ينتهوا إلى دار السلام وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة، فيسمعون الصوت، فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك فأرنا نور وجهك فيتجلى لهم سبحانه وتعالى حتى ينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى المكنون من عين كل ناظر، فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا "، فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم (2)، قال: فيقول: عبادي! ارفعوا رؤوسكم ليس هذه بدار عمل إنما هي دار كرامة ومسألة ونعيم، قد ذهبت عنكم اللغوب (3) والنصب، فإذا رفعوها رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ".
ثم يقول تبارك وتعالى: يا ملائكتي أطعموهم وأسقوهم، فيؤتون بألوان الأطعمة لم يروا مثلها قط في طعم الشهد وبياض الثلج ولين الزبد، فإذا أكلوه قال بعضهم لبعض:
كان طعامنا الذي خلفناه في الجنة عند هذا حلما ".
قال: ثم يقول الجبار تبارك وتعالى: يا ملائكتي اسقوهم قال: فيؤتون بأشربة، فيقبضها ولي الله فيشرب شربة لم يشرب مثلها قط.
قال: ثم يقول: يا ملائكتي طيبوهم، فتأتيهم ريح من تحت العرش بمسك أشد بياضا " من الثلج تغير (4) وجوههم وجباههم وجنوبهم يسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى نور