ظهر المدينة، ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج، ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج، وفي وسطه خمر أحسن من الياقوت، فما رأيت شيئا " أحسن من تلك الخمر بين اللبن والماء، فقلت له: جعلت فداك من أين يخرج هذا ومن أين مجراه؟ فقال: هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه أنهار في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر يجري في هذا النهر ورأيت حافتيه عليهما شجر فيهن جوار معلقات برؤوسهن، ما رأيت شيئا " أحسن منهن، وبأيديهن، آنية ما رأيت أحسن منها، ليست من آنية الدنيا، فدنى من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمال الشجر فاغترفت ثم ناولته فشرب ثم ناولها وأومأ إليها فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فناولني فشربت، فما رأيت شرابا " كان ألين منه ولا ألذ وكانت رائحته رائحة المسك، ونظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت له: جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط وما كنت أرى الأمر هكذا فقال: هذا من أقل ما أعده الله تعالى لشيعتنا، إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر، ورعت في رياضه، وشربت من شرابه، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت، فأخلدت في عذابه، وأطعمت من زقومه وسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي (1).
وعنه، عن محمد بن المثنى، عن أبيه، عن عثمان بن زيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: " وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين (2) " قال: وكنت مطرقا " إلى الأرض فرفع يده إلى فوق، ثم قال: ارفع رأسك، فرفعت رأسي فنظرت إلى السقف قد انفرج حتى خلص بصري إلى نور ساطع، وحار بصري دونه، ثم قال لي: رأى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض هكذا، ثم قال لي: أطرق فأطرقت، ثم قال: ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا السقف على حاله، ثم أخذ بيدي فقام وأخرجني من البيت الذي كنت فيه وأدخلني بيتا " آخر فخلع