الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ١ - الصفحة ٣٤٠
أسفل الفرات قد أسلم وصلى يقال له: زاذان فروخ أقبل من قبل إخوان له 1 [بناحية نفر 2] فلقوه 3 فقالوا له: أمسلم أنت أم كافر؟ - قال: بل مسلم، قالوا:
ما قولك في علي بن أبي طالب؟ - قال: قولي فيه خير أقول: إنه أمير المؤمنين ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسيد البشر، فقالوا له: كفرت يا عدو الله ثم حملت عليه عصابة منهم فقطعوه بأسيافهم وأخذوا 4 معه رجلا من أهل الذمة يهوديا فقالوا له: ما دينك؟ - قال: يهودي، فقالوا: خلوا سبيل هذا، لا سبيل لكم عليه، فأقبل إلينا ذلك الذمي فأخبرنا هذا الخبر وقد سألت عنهم فلم يخبرني عنهم أحد بشئ فليكتب إلى أمير - المؤمنين فيهم برأيه أنتهي إليه، والسلام.
فكتب إليه علي عليه السلام، أما بعد فقد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر العصابة التي مرت بعملك فقتلت المرء 5 المسلم وأمن عندهم المخالف المشرك 6 وإن أولئك قوم استهواهم الشيطان فضلوا [وكانوا 7] كالذين حسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا 8 فأسمع بهم وأبصر 9

١ - في شرح النهج: " أخوال له " وفي الطبري: " أخواله ".
٢ - في الأصل فقط.
٣ - في الطبري: " فعرضوا له ".
٤ - في الطبري: " ووجدوا ".
٥ - في غير الأصل: " البر ".
٦ - في الطبري: " الكافر ".
٧ - في الطبري فقط.
٨ - مأخوذ من قول الله تعالى: " وحسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم والله بصير بما يعملون " (آية ٧١ سورة المائدة).
٩ - قال الله تعالى: " أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين " (آية ٣٨ سورة مريم) ففي مجمع البحرين للطريحي: " قوله تعالى: أسمع بهم وأبصر أي ما أسمعهم وأبصرهم ". وقال السيوطي في تفسيره " الجلالين " في تفسيرها: " أسمع بهم وأبصر صيغتا تعجب بمعنى ما أسمعهم أبصرهم، صموا عن سماع الحق واعموا عن إبصاره أي أعجب منهم يا مخاطب في سمعهم وأبصارهم في الآخرة بعد أن كانوا في الدنيا صما وعميا " وقال أبو البقاء في تفسير " التبيان في إعراب القرآن " في تفسير الآية: " قوله تعالى: أسمع بهم وأبصر، لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب، و " بهم " في موضع رفع كقولك: أحسن بزيد أي أحسن زيد، وحكى غير الزجاج أنه أمر حقيقة والجار والمجرور نصب، والفاعل مضمر، فهو ضمير المتكلم كأن المتكلم يقول لنفسه:
أوقع بهم سمعا أو مدحا " ونظير هذه الآية آية أخرى وهي قوله تعالى: " له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع، الآية (آية ٢٦ سورة الكهف) " ففي الصحاح للجوهري: " قوله عز وجل: أبصر به وأسمع أي ما أبصره وأسمعه على التعجب " وفي تفسير الجلالين: " أبصر به وأسمع أي بالله وهما صيغتا تعجب بمعنى ما أبصره وما أسمعه، وهما على جهة المجاز، والمراد أنه تعالى لا يغيب عن بصره وسمعه شئ " وفي - التبيان لأبي البقاء: " أبصر به وأسمع الهاء تعود على الله، وموضعها رفع، لأن التقدير أبصر الله، والباء زائدة وهكذا في فعل التعجب الذي هو على لفظ الأمر، وقال بعضهم: الفاعل مضمر والتقدير أوقع أيها المخاطب ابصارا بأمر الكهف فهو أمر حقيقة " وقال البيضاوي في أنوار التنزيل: " أبصر به وأسمع ذكر بصيغة التعجب للدلالة على أن أمره في الادراك خارج عما عليه إدراك السامعين والمبصرين إذ لا يحجبه شئ ولا يتفاوت دونه لطيف وكثيف، وصغير وكبير، وخفي وجلي، والهاء يعود إلى الله ومحله الرفع على الفاعلية، والباء مزيدة عند سيبويه، وكان أصله أبصر أي صار ذا بصر ثم نقل إلى صيغة الأمر بمعنى الانشاء فبرز الضمير لعدم لياق الصيغة له، أو لزيادة الباء كما في قوله: وكفى به، والنصب على المفعولية عند الأخفش، والفاعل ضمير المأمور وهو كل أحد، والباء مزيدة إن كانت الهمزة للتعدية، ومعدية إن كانت للصيرورة ".
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست