الغارات - إبراهيم بن محمد الثقفي - ج ١ - الصفحة ٢٩٦
محمد بن أبي بكر قد استشهد - رحمه الله - فعند الله نحتسبه، أما والله لقد كان ما علمت 1 [لممن 2] ينتظر القضاء ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر ويحب هين 3 المؤمن، وإني والله ما ألوم نفسي على تقصير ولا عجز وإني بمقاساة الحرب لجد بصير 4 وإني لأقدم على الأمر 5 وأعرف وجه الحزم وأقوم بالرأي المصيب 6 فأستصرخكم معلنا
١ - قال المجلسي (ره) في ثامن البحار في (ص ٦٥٣): " قوله - عليه السلام -:
لقد كان ما علمت، أي ما دمت علمته وعرفته، أو علمت حاله، أو صرت عالما بتنزيله منزلة اللازم، ويحتمل أن يكون ما موصولة بتقدير الباء أي بالذي علمت منه، أو بجعله خبر كان والأفعال بعده بدله، أو اسم كان والأفعال خبره، أي كان الذي علمت منه تلك الصفات والأول لعله أظهر ".
٢ - هذه الكلمة في الطبري فقط.
٣ - كذا في الأصل، وفي الطبري: " هدى المؤمن " وفي شرح النهج والبحار:
" سمت المؤمن " فكأنه إشارة إلى قوله (ص): " المؤمن هين لين " ففي النهاية: " فيه المسلمون هينون لينون، هما تخفيف الهين واللين قال ابن الأعرابي: العرب تمدح بالهين اللين، مخففين وتذم بهما مثقلين، فهين فيعل من الهون وهو السكينة والوقار والسهولة فعينه واو، وشئ هين وهين أي سهل، ومنه حديث عمر: النساء ثلاث فهينة لينة عفيفة ".
٤ - في الأصل: " لمقاساة الحرب لجد جدير " وفي الطبري: " لمقاساة الحرب نجد خبير " وفي البحار: " لمقاساة الحرب مجد بصير ".
ففي القاموس: " هو عالم جد عالم بالكسر متناه بالغ النهاية " وفي الصحاح:
" وقولهم: في هذا خطر جد عظيم أي عظيم جدا " وفي لسان العرب: " هذا العالم جد العالم، وهذا عالم جد عالم، يريد بذلك التناهي وأنه قد بلغ الغاية فيما يصفه من الخلال " وفي المصباح المنير: " الجد في الأمر الاجتهاد وهو مصدر يقال منه: جد يجد من بابي ضرب وقتل والاسم الجد بالكسر ومنه يقال: فلان محسن جدا أي نهاية ومبالغة قال ابن - السكيت: ولا يقال: محسن جدا بالفتح " وفي معيار اللغة: " وفلان محسن جدا كضد لا كمد أي متناه بالغ في الاحسان، وكذلك فلان عالم جد عالم بكسر الجيم وفتح الدال أي بالغ الغاية في العلم، وقولهم: في هذا خطر جد عظيم أي عظيم جدا ".
5 - في شرح النهج والبحار: " غلى الحرب ".
6 - فليعلم أن بقية الخطبة التي نقلنا صدرها قبيل ذلك (أنظر ص 291) وقلنا سنشير إلى باقيها عن قريب هي هذه: " أقوم فيكم مستصرخا، وأناديكم متغوثا، فلا تسمعون لي قولا، ولا تطيعون لي أمرا، حتى تكشفت الأمور عن عواقب المساءة فما يدرك بكم ثار ولا يبلغ بكم مرام، دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسر وتثاقلتم تثاقل النضو الأدبر (الخطبة) " أما قول ابن أبي الحديد في شرح النهج: " هذا الكلام خطب به أمير المؤمنين (ع) في غارة النعمان بن بشير الأنصاري على عين التمر ذكر صاحب الغارات أن النعمان بن بشير قدم هو وأبو هريرة (إلى آخر ما نقل وسيأتي في الكتاب) فهو كلام صادر عن اشتباه وذلك أن هذا الكلام وهذه الخطبة يناسب ما ذكره صاحب الغارات هنا أعني وصول خبر قتلمحمد بن أبي بكر، لا ما ذكره ابن أبي الحديد، مضافا إلى أنه نفسه ذكر هذه الخطبة في قصة وصول خبر قتلمحمد بن أبي بكر إلى علي (ع) كما أشرنا إليه من قبل، ويستفاد ذلك أيضا بعد التدبر في القصة وذلك أن مالك بن كعب الأرحبي كان حاضرا عند قوله (ع):
وابتلاني بكم، وقام إليه (ع) وقال ما قال، والحال أنه كان في غارة النعمان بن بشير في عين - التمر أميرا على مسلحة أمير المؤمنين وكتب من هناك إليه (ع) ما كتب كما سيجيئ مبسوطا في الكتاب في غارة النعمان بن بشير.