مثل في الوجود أو في المقدار وانما صح أن يكون للعبد مثل لأنه لم يتوحد بأوصاف التي من أجلها صار عبدا مملوكا ووجب لذلك أن يكون الله عز وجل متوحدا باوصافه العلى وأسمائه الحسنى ليكون إلها واحدا ولا يكون له مثل ويكون واحدا لا شريك له ولا اله غيره فالله تبارك وتعالى واحد لا اله الا هو وقديم واحد لا قديم الا هو وموجود واحد ليس بحال ولا محل ولا موجود كذلك الا هو وشئ واحد لا يجانسه شئ ولا يشاكله شئ ولا يشبهه شئ ولا شئ كذلك الا هو فهو كذلك موجود غير منقسم في الوجود ولا في الوهم وشئ لا يشبهه شئ بوجه واله لا اله غيره بوجه وصار قولنا يا واحد يا أحد في الشريعة أسماءا خاصا له دون غيره لا يسمى به الا هو عز وجل كما أن قولنا الله اسم لا يسمى به غيره وفصل اخر في ذلك وهو أن الشئ قد يعد مع ما جانسه وشاكله وماثله فقال هذا رجل وهذان رجلان وثلاثة رجال وهذا عبد وهذا سواد وهذان عبدان وهذان سوادان ولا يجوز على هذا الأصل أن يقال هذان إلهان إذ لا إله إلا الله واحد فالله لا يعد على هذا الوجه ولا يدخل في العدد من هذا الوجه بوجه وقد يعد الشئ مع ما لا يجانسه ولا يشاكله يقال هذا بياض وهذان بياض وسواد وهذا محدث وهذان محدثان وهذان ليسا بمحدثين ولا بمخلوقين بل أحدهما قديم والاخر محدث واحد هما رب والاخر مربوب فعلى هذا الوجه يصح دخوله في العدد وعلى هذا النحو قال الله تعالى وتبارك ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر الا هو معهم أينما كانوا الآية وكما أن قولنا فلان انما هو رجل واحد لا يدل على فضله بمجرده فكذلك قولنا فلان ثاني فلان لا يدل بمجرده الا على كونه وانما يدل على فضله متى قيل إنه ثانيه في الفضل وفي الكمال أو العلم فاما توحيد الله تعالى ذكره فهو توحيده بصفاته العلى وأسمائه الحسنى كان كذلك الها واحدا لا شريك له ولا شبيه والموحد من أقربه على ما هو عليه عز وجل من أوصافه العلى وأسمائه الحسنى على بصيرة منه ومعرفة وايقان واخلاص وإذا كان ذلك كذلك فمن لم يعرف الله عز وجل متوحدا بأوصافه العلى وأسمائه الحسنى ولم يقر بتوحيده بأوصافه العلى فهو غير موحد وربما قال جاهل من الناس ان من وحد الله واقرانه واحد فهو موحد وان لم يصفه بصفاته التي توحد بها لان من وحد الشئ فهو موحد في أصل اللغة فيقال له أنكرنا ذلك لان من زعم أن ربه اله واحد وشئ واحد ثم أثبت معه موصوفا اخر بصفاته التي توحد بها فهو عند جميع الأمة وسائر أهل الملل ثنوي غير موحد ومشرك مشبه غير مسلم وان زعم أن ربه اله واحد وشئ واحد وموجود واحد وإذا كان كذلك وجب أن يكون الله تبارك وتعالى متوحدا بصفاته التي تفرد بالهيئة من أجلها وتوحد
(٤٧)