ولا تؤذيه رائحته ما تؤذي المار به والجالس عنده وقد يكفي العاقل من معرفتها علمه بأن من مات وخلف سلطانا عظيما سره أن عاش فيها سوقة خاملا أو كان فيها معافا سليما سره أنه كان فيها مبتلى ضريرا فكفى بهذا على عودتها والرغبة عنها ذليلا والله لو أن الدنيا كانت من أراد منها شيئا وجده حيث تنال يده من غير طلب ولا تعب ولا مؤنة ولا نصب ولا ظعن ولا داب غير أن ما أخذ منها من شئ لزمه حق الله فيه والشكر عليه وكان مسؤولا عنه محاسبا به لكان يحق على العاقل أن لا يتناول منها الا قوته وبلغة يومه حذر السؤال وخوفا من الحساب واشفاقا من العجز عن الشكر فكيف بمن تجشم في طلبها من خضوع رقبته ووضع خده وفرط عنائه والاغتراب عن أحبائه وعظيم اخطاره ثم لا يدري ما اخر ذلك الظفر أم الخيبة انما الدنيا ثلاثة أيام يوم مضى بما فيه فليس بعابد ويوم أنت فيه فحق عليك اغتنامه ويوم لا تدري أنت من أهله ولعلك
(٣١٧)