فيه منها وابغضوا ما أبغض وصغروا ما صغر ثم اقتص الصالحون آثارهم وسلكوا منهاجهم والطفوا الفكر وانتفعوا بالعبر وصبروا في هذا العمر القصير من متاع الغرور الذي يعود إلى الفناء ويصير إلى الحساب نظروا بعقولهم إلى آخر الدنيا ولم ينظروا إلى أولها وإلى باطن الدنيا ولم ينظروا إلى ظاهرها وفكروا في مرارة عاقبتها فلم يستمرهم حلاوة عاجلها ثم الزموا أنفسهم الصبر وأنزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة التي لا يحل لاحد أن يشبع منها الا في حال الضرورة إ ليها وأكلوا منها بقدر ما أبقى لهم النفس وامسك الروح وجعلوها بمنزلة الجيفة التي اشتد نتنها فكل من مر بها أمسك على فيه فهم يتبلغون بأدنى البلاع ولا ينتهون إلى الشبع من النتن ويتعجبون من الممتلى منها شبعا والراضي بها نصيبا اخواني والله لهى في العاجلة والاجلة لمن ناصح نفسه في النظر وأخلص لها الفكر أنتن من الجيفة وأكره من الميتة غير أن الذي نشأ في دباغ الإهاب لا يجد نتنه
(٣١٦)