السلام): كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي.
أقول: هذا يحتمل وجوها.
أحدها - الحمل على التقية، فان العامة يقولون بحجية الأصل، فيضعف عن مقاومة ما سبق، مضافا إلى كونه خبرا واحدا لا يعارض المتواتر.
وثانيها - الحمل على الخطاب الشرعي خاصة، بمعنى أن كل شئ من الخطابات الشرعية يتعين حمله على اطلاقه وعمومه، حتى يرد فيه نهي يخص بعض الأفراد، ويخرجه من الاطلاق، مثاله: قولهم (عليهم السلام): كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر، فإنه محمول على إطلاقه، فلما ورد النهي عن استعمال كل واحد من الإناءين إذا نجس أحدهما واشتبها، تعين تقييده بغير هذه الصورة، ولذلك استدل به الصدوق على جواز القنوت بالفارسية، لأن الأوامر بالقنوت مطلقة عامه، ولم يرد نهي عن القنوت بالفارسية يخرجه من إطلاقها.
وثالثها - التخصيص بما ليس من نفس الأحكام الشرعية، وإن كان من موضوعاتها ومتعلقاتها، كما إذا شك في جوائز الظالم أنها مغصوبة أم لا.
ورابعا - أن النهي يشمل النهي العام والخاص، والنهي العام بلغنا وهو النهي عن ارتكاب الشبهات في نفس الاحكام، والامر بالتوقف والاحتياط فيها وفي كل ما لا نص فيه.
وخامسها - أن يكون مخصوصا بما قبل كمال الشريعة وتمامها، فأما بعد ذلك فلم يبق شئ على حكم البراءة الأصيلة.
وسادسها - أن يكون مخصوصا بمن لم تبلغه أحاديث النهي عن ارتكاب الشبهات والأمر بالاحتياط لما مر (1)، ولاستحالة تكليف الغافل عقلا ونقلا.