قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ان الله جل جلاله أوحى إلى الدنيا ان أتعبي من خدمك واخدمي من رفضك وان العبد إذا تخلى بسيده في جوف الليل المظلم وناجاه أثبت الله النور في قلبه فإذا قال يا رب يا رب ناداه الجليل جل جلاله لبيك عبدي سلني أعطك وتوكل على أكفك ثم يقول جل جلاله لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى عبدي قد تخلى بي في جوف هذا الليل المظلم والبطالون لأهون والغافلون نيام اشهدوا انى قد غفرت له ثم قال عليه السلام: عليكم بالورع والاجتهاد والعبادة، وأزهدوا في الدنيا الزاهدة فيكم فإنها غرارة دار فناء وزوال، كم من مغتر بها قد أهلكته وكم من واثق بها قد خانته وكم من معتمد عليها قد خدعته وأسلمته واعلموا ان أمامكم طريق بعيد وسفر مهول وممركم على الصراط ولا بد للمسافر من زاد فمن لم يتزود وسافر عطب وهلك وخير الزاد التقوى إلى آخر الخبر.
قال شريح القاضي: اشتريت دارا بثمانين دينارا، وكتبت كتابا وأشهدت عدولا فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " فبعث إلي مولاه قنبر فأتيته فلما ان دخلت عليه قال يا شريح اشتريت دارا وكتبت كتابا، وأشهدت عدولا ووزنت مالا؟ قال قلت: نعم قال: يا شريح اتق الله فإنه سيأتيك من لا ينظر في كتابك ولا يسأل عن بيتك حتى يخرجك من دارك شاخصا ويسلمك إلى قبرك خالصا فانظر أن لا تكون اشتريت هذه الدار من غير مالكها ووزنت المال من غير حله فإذا أنت قد خسرت الدارين جميعا الدنيا والآخرة، ثم قال عليه السلام: يا شريح فلو كنت عندما اشتريت هذه الدار اتيتني وكتبت لك كتابا على هذه النسخة إذا لم تشترها بدرهمين قال: قلت وما كنت تكتب يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت اكتب لك هذا الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عبد ذليل من ميت أزعج بالرحيل اشترى منه دارا في دار الغرور، ومن جانب الفانين إلى عسكر الهالكين ويجمع هذه الدار حدود أربعة فالحد الأول منها ينتهى إلى دواعي الآفات والحد الثاني منها ينتهى إلى دواعي العاهات، والحد الثالث منها ينتهى إلى دواعي المصيبات والحد الرابع منها ينتهى إلى الهوى المردي والشيطان المغوي وفيه يشرع باب هذه الدار اشترى هذا المفتون بالأمل من هذا المزعج بالأجل جميع هذه الدار بالخروج عن القنوع والدخول في ذل الطلب فما أدرك هذا المشترى من درك فعل مبلي أجسام الملوك وسالب نفوس الجبابرة مثل كسرى وقيصر وتبع وحمير، ومن جمع المال