ابتغاء رضوان الله وكانت خاتمة أعمالهم الشهادة فلقوا الله وهو عنهم راض، وعلموا ان الموت سبيل من مضى ومن بقي، وتزودوا لآخرتهم غير الذهب والفضة ولبسوا الخشن وصبروا على القوت وقدموا الفضل، وأحبوا في الله وأبغضوا في الله عز وجل أولئك المصابيح، وأهل النعيم في الآخرة والسلام.
قال الرضا " عليه السلام ": قال عيسى بن مريم عليهما السلام للحواريين يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من دنياكم إذا سلم دينكم كما لا يأس أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا سلمت دنياهم.
قال أبو جعفر: كان أمير المؤمنين " عليه السلام " بالكوفة، وإذا صلى العشاء الأخيرة ينادى الناس ثلاث مرات حتى يسمع أهل المسجد أيها الناس تجهزوا رحمكم الله فقد نودي فيكم بالرحيل فما التعرج على الدنيا بعد نداء فيها بالرحيل تجهزوا رحمكم الله وانقلبوا بأفضل ما بحضرتكم من الزاد وهو التقوى، واعلموا إن طريقكم إلى المعاد وممركم على الصراط والهول الأعظم امامكم وعلى طريقكم عقبة كئودة ومنازل مهولة مخوفة ولا بد لكم من الممر عليها والوقوف بها. فأما برحمة من الله فنجاة من هولها وعظم خطرها وفظاعة منظرها وشدة مختبرها، واما بهلكة ليس لها بعدها انجبار.
قال الصادق " عليه السلام ": عاش نوح " عليه السلام " ألفي سنة وخمسمائة سنة منها ثمان مائة وخمسون قبل أن يبعث والف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم، ومائتا سنة في عمل السفينة وخمسمائة بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ومصر الأمصار واسكن ولده البلدان ثم إن ملك الموت جاء وقال له: ما حاجتك يا ملك الموت؟ قال: جئت لا قبض روحك فقال له: ألا تدعني ادخل من الشمس إلى الظل؟ قال: نعم فتحول نوح " عليه السلام " ثم قال يا ملك الموت فكان ما مر بي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل فامض لما أمرت قال فقبض روحه عليه السلام.
قال الصادق " عليه السلام ": إذا أقبلت الدنيا على انسان أعطته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.
قال أمير المؤمنين " عليه السلام ": ما أصف دارا أولها عناء وآخرها فناء في حلالها حساب وفى حرامها عقاب من استغنى فيها فتن ومن افتقر فيها حزن ومن سعى لها فاتته ومن قعد عنها أتته ومن أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته.