عليهما السلام فقال لي: يا أبا الصلت ضاق صدرك؟ قلت: أي والله قال: قم فأخرج ثم ضرب يده إلى القيود التي كانت على ففكها وأخذ بيدي وأخرجني من الدار والحرسة والغلمة يرونني فلم يستطيعوا ان يكلموني، وخرجت من باب الدار ثم قال امض في ودايع الله فإنك لم تصل إليه ولا يصل إليك ابدا، قال أبو الصلت: فلم ألتق مع المأمون إلى هذا الوقت.
وذكر الشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد رحمه الله في كتاب (الارشاد) ان الرضا " عليه السلام " كان يكثر وعظ المأمون إذا خلا به، ويخوفه بالله عز وجل ويقبح له ما يرتكبه من خلافه وكان المأمون يظهر قبول ذلك منه، ويبطن كراهته واستثقاله ودخل الرضا " عليه السلام " يوما عليه فرآه يتوضأ للصلاة، والغلام يصب الماء على يده، فقال يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا فصرف المأمون الغلام، وتولى تمام وضوئه بنفسه وزاد ذلك في غيظه ووجده، وكان عليه السلام يزرى على الحسن والفضل ابني سهل عند المأمون إذا ذكرهما ويصف له مساوئهما، وينهاه عن الاصغاء إليهما والى قولهما وعرفا ذلك منه فجعلا يوشيان عليه عند المأمون ويذكران له ما يبعده منه، ويخوفانه من حمل الناس عليه فلم يزالا كذلك حتى قلبا رأيه فيه، وعمد على قتله " عليه السلام " فاتفق انه اكل هو والمأمون يوما طعاما. فاعتل منه الرضا عليه السلام وأظهر المأمون تمارضا.
فذكر محمد بن علي بن حمزة عن منصور بن بشير عن أخيه عبد الله بن بشير قال أمرني المأمون ان أطول أظفاري على العادة، ولا أظهر لاحد ذلك ففعلت ثم استدعاني فأخرج إلي شيئا شبيها بالتمر الهندي، فقال لي: أعجن هذا بيديك جميعا ففعلت ثم قام وتركني ودخل على الرضا، وقال ما خبرك؟ قال أرجو أن أكون صالحا قال له: أنا اليوم بحمد الله صالح أيضا فهل جاءك أحد من المترفقين في هذا اليوم؟ قال فغضب المأمون وصاح على غلمانه، ثم قال فخذ ماء الرمان الساعة فإنه مما لا يستغنى عنه، ثم دعاني فقال آتنا برمان فأتيته به، فقال: اعصره بيدك ففعلت وسقاه المأمون الرضا " عليه السلام " بيده وكان سبب وفاته ولم يلبث إلا يومين حتى مات.
وذكر عن أبي الصلت الهروي أنه قال: دخلت على الرضا وقد خرج من عنده المأمون فقال لي: يا أبا الصلت قد فعلوها. وجعل يوحد الله ويمجده.
(وروى) عن محمد بن الجهم أنه قال: كان الرضا عليه السلام يعجبه العنب فاخذ له