مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات وليس هذا البيت رأس القصيدة، ولكن أنشدها من هذا البيت فقيل له: لم بدأت بمدارس؟ قال: استحييت من الإمام علي بن موسى الرضا ان انشده التشبيب فأنشدته المناقب، ورأس هذه القصيدة:
تجاوبن بالأزمان والظفرات * نوايح عجم اللفظ والنطقات حتى أتى على آخرها، فلما فرغ عن انشاده قام الرضا " عليه السلام " فدخل على حجرته وبعث إليه خادما بخرقة خز فيها ستمئة دينار.
وقال لخادمه: قل استعن بهذه على سفرك وأعذرنا، فقال له دعبل: لا والله ما هذا أردت ولا له خرجت، ولكن قل له، أكسني ثوبا من أثوابك وردها فردها عليه الرضا " عليه السلام " وقال له: خذها، ثم بعث إليه بجبة من ثيابه، فخرج دعبل حتى ورد قم فلما رأوا الجبة معه أعطوه بها ألف دينار فأبى وقال: لا والله ولا خرقة منها بألف دينار ثم خرج من قم فأتبعوه فقطعوا عليه الطريق، وأخذوا الجبة فرجع إلى قم فكلمهم فيها وقالوا: ليس إليها سبيل، ولكن إن شئت فهذه ألف دينار، فقال لهم وخرقة منها فأعطوه ألف دينار وخرقة من الجبة، قال ياسر الخادم والريان بن الصلت جميعا: لما حضر العيد وكان قد عقد للرضا " عليه السلام " بولاية العهد بعث إليه المأمون في الركوب إلى العيد والصلاة بالناس، والخطبة بهم فبعث إليه الرضا " عليه السلام " قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول الامر فاعفني من الصلاة بالناس، فقال المأمون: إنما أردت أن يطمئن قلوب الناس، ويعرفوا فضلك ولم يزل يتردد الرسل بينهم في ذلك فلما ألح عليه في ذلك المأمون أرسل إليه ان أعفيتني فهو أحب إلي وإن لم تعفني خرجت كما خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين " عليه السلام " فقال له المأمون: اخرج كما شئت وأمر القواد والناس ان يبكروا إلى باب الرضا عليه السلام قال: فقعد الناس لأبي الحسن في الطرقات والسطوح واجتمع النساء والصبيان ينتظرون خروجه، وصار جميع القواد والجند إلى بابه على دوابهم فوقفوا حتى طلعت الشمس، فاغتسل أبو الحسن " عليه السلام " ولبس ثيابه وتعمم بعمامة بيضاء من قطن ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه، ومس شيئا من الطيب وأخذ بيده عكازة وقال لمواليه افعلوا مثل ما فعلت فخرجوا بين يديه، وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق عليه ثياب مشمرة فمشى قليلا، ورفع رأسه إلى السماء