أبو عبد الله: أنت سمعت؟ قال: نعم، فاستحلفه على ذلك فقال له المنصور: أتحلف؟
قال: نعم، وابتدأ اليمين، قال أبو عبد الله " عليه السلام " للساعي: قل برئت من حول الله وقوته والتجأت إلى حولي وقوتي لقد فعل كذا وكذا جعفر وقال كذا وكذا جعفر فامتنع منها هنيئة، ثم حلف بها فما برح حتى ضرب برجله فقال أبو جعفر: جروا برجله فأخرجوه لعنه الله.
وقال الربيع: وكنت رأيت جعفر بن محمد " عليه السلام " حين دخل على المنصور يحرك شفتيه فكلما حركها سكن غضب المنصور حتى أدناه منه وقد رضى عنه فلما خرج أبو عبد الله عليه السلام من عند أبي جعفر اتبعته فقلت له: ان هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك، فلما دخلت عليه وأنت تحرك شفتيك وكلما حركتها سكن غضبه عليك فبأي شئ حركتهما قال: بدعاء جدي الحسين بن علي عليهما السلام قلت جعلت فداك فما هذا الدعاء؟ قال يا عدتي عند شدتي ويا غوثي عند كربتي فاحرسني بعينك التي لا تنام واكفني بركنك الذي لا يرام.
قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء فما نزلت في شدة قط إلا دعوت بهذا ففرج عنى قال: وقلت لجعفر بن محمد عليهما السلام لم منعت الساعي ان يحلف بالله؟ قال: كرهت ان يراه يوحده ويمجده، فيحلم عنه ويؤخر عقوبته فاستحلفته بما سمعت فأخذه الله تعالى أخذة رابية.
(وروى) ان داود بن علي بن عبد الله بن عباس قتل المعلى بن خنيس مولى جعفر ابن محمد عليهما السلام، واخذ ماله فدخل عليه وهو يجر رداءه فقال له: قتلت مولاي وأخذت مالي اما علمت أن الرجل ينام على الثكل ولا ينام على الحرب اما والله لأدعون الله عليك فقال له داود: تهددنا بدعائك كالمستهزئ بقوله فرجع أبو عبد الله " عليه السلام " إلى داره فلم يزل ليله كله قائما وقاعدا حتى إذا كان السحر سمع وهو يقول في مناجاته: يا ذا القوة القوية ويا ذا المحال الشديد، يا ذا العزة التي كل خلقك لها ذليل اكفني هذا الطاغية وانتقم لي منه فما كان إلا ساعة حتى ارتفعت الأصوات بالصياح، وقيل: قد مات داود بن علي الساعة.
(وروى) أبو بصير قال: دخلت المدينة وكانت معي جويرية فأصبت منها وخرجت إلى الحمام فلقيت أصحابنا الشيعة وهم متوجهون إلى جعفر بن محمد عليهما السلام