أبكتني ففراق الأحبة محمد وحزبه وهو المطلع والوقوف بين يدي الله عز وجل وأما التي أضحكتني فطالب الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه وضاحك ملا فيه لا يدرى أرضى الله أم سخط.
قال الصادق " عليه السلام ": إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت اعلم به منا، قال الله تبارك وتعالى انى قد اخذت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون.
قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بنى تميم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فدخلت وعنده صلصال بن الدلهمس فقلت: يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها فانا قوم نعيش في البرية فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا قيس ان مع العز ذلا وان مع الحياة موتا وان مع الدنيا آخرة وان لكل شئ حسيبا وهو على كل شئ رقيب وان لكل أجل كتابا وانه لابد لك يا قيس من قرين يدفن معك وهو حي، وتدفن معه وأنت ميت فإن كان كريما أكرمك وإن كان لئيما أسلمك ثم لا يحشر إلا معك ولا تحشر إلا معه ولا تسأل إلا عنه ولا تجعله إلا صالحا فإنه إن صلح آنست به، وان فسد لا تستوحش إلا منه وهو فعلك فقال يا نبي الله أحب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر نفخر به على من يلينا من العرب وندخره فأمر النبي (صلى الله عليه وآله) من يأتيه بحسان قال: فأقبلت أفكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر فاستتب لي القول فيه قبل مجئ حسان فقلت: يا رسول الله قد حضرتني أبيات احسبها توافق ما تريد فقلت لقيس:
تخير خليطا من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل ولا بد بعد الموت من أن تعده * ليوم ينادى المرئ فيه فيقبل فان كنت مشغولا بشئ فلا تكن * بغير الذي ترضى به الله تشغل فلن يصحب الانسان من بعد موته * ومن قبله إلا الذي كان يعمل ألا إنما الانسان ضيف لأهله * يقيم قليلا بينهم ثم يرحل قال النبي (صلى الله عليه وآله): أكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت، وأغبط الناس من كان تحت التراب قد أمن العقاب ويرجو الثواب.
قال الصادق " عليه السلام ": ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته فهي تجرى بعد موته، وسنة هدى سنها فيمن يعمل بها بعد موته