نبيك وإن لم تستجب دعائي ولم تغفر لي خطيئتي واردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني، وخلصني من فضيحة يوم القيامة فانزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وآله: والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم - يعنى بارتكاب ذنب أعظم من الزنا ونبش القبور واخذ الأكفان - ذكروا الله واستغفروا لذنوبهم يقول: خافوا الله فعجلوا التوبة ومن يغفر الذنوب إلا الله يقول الله عز وجل أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته فأين يذهب والى من يقصد؟ ومن يسأل ان يغفر له ذنبا غيري ثم قال عز وجل: أتاك عبدي يا محمد ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون يقول: لم يقيموا على الزنا ونبش القبور واخذ الأكفان أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم، وجنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم اجر العاملين، فلما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) خرج وهو يتلوها ويبتسم:، فقال لأصحابه: من يدلني على ذلك الشاب التائب؟ قال معاذ: يا رسول الله بلغنا انه في موضع كذا وكذا فمضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلى عنقه قد اسود وجهه وتساقطت أشفار عينيه من البكاء وهو يقول سيدي قد أحسنت خلقي وأحسنت صورتي فليت شعري ماذا تريد بي؟ أفي النار تحرقني أو في جوارك تسكنني اللهم انك قد أكثرت الاحسان إلي وأنعمت علي فليت شعري ماذا يكون آخر أمرى إلى الجنة ترزقني أم إلى النار تسوقني؟ اللهم ان خطيئتي أعظم من السماوات والأرض ومن كرسيك الواسع وعرشك العظيم فليت شعري تغفر خطيئتي أو تفضحني بها يوم القيامة؟ فلم يزل يقول نحو هذا وهو يبكى ويحثو التراب على رأسه وقد أحاطت به السباع وصف فوقه الطير وهم يبكون لبكائه فدنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأطلق يديه من عنقه ونفض التراب عن رأسه وقال يا بهلول أبشر فإنك عتيق من النار ثم قال صلى الله عليه وآله: لأصحابه هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما انزل الله عز وجل فيه وبشره بالجنة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما من شئ أحب إلى الله من شاب تائب، وقيل: التوبة تجمع أربعة أشياء: الاستغفار باللسان واضمار وترك العود بالجنان والاقلاع بالأبدان ومهاجرة من الخلان. قال الشاعر:
سوفت بالتوبة إذ لم تشب * فالآن قد شبت فما تنتظر