وأما روضة الواعظين، وهو هذا الكتاب الذي نحن نقدمه للقراء بكل احترام، فهو من كتب الأخلاق والآداب، ذكر مؤلفه في مقدمته السبب الداعي لتأليفه فقال:
فأنى كنت في عنفوان شبابي قد اتفقت لي مجالس وعرضت محافل والناس يسألونني عن أصول الديانات والفروع عنها في المقامات، فأجبتهم عنها بجواب يكفيهم ومقال يشفيهم، فحاولوا منى بالكلام في التذكير والزهد والمواعظ والزواجر والحكم والآداب، فرجعت إلى كتب أصحابنا فما وجدت لهم كتابا يشتمل على هذه المطلوبات، ويدور على جمل هذه المذكورات إلا متبترات في كتبهم وتفريقات في زبرهم، فهممت أن أجمع كتابا يشتمل على بعض كلام الله تعالى ويدور على محاسن اخبار النبي (صلى الله عليه وآله) ويحتوى على جواهر كلام الأئمة عليهم السلام وأبوبه أبوابا ومجالس، وأضع كل جنس موضعه، فإنه لم يسبقني إليه أحد من أصحابنا إلى تأليف مثل هذا الكتاب، فكان التعب به أكثر والنصب أعم وأكثر وأنا إن شاء الله أفتتح لكل مجلس منها بكلام الله تعالى ثم بآثار النبي والأئمة عليهم السلام محذوفة الأسانيد، فإن الأسانيد لا طائل فيها إذا كان الخبر شائعا ذائعا ووقعت تسميته ب (روضة الواعظين وبصيرة المتعظين).
ثم حذر المؤلف القراء من التسرع في الحكم استنادا على ورود بعض الأخبار التي يقتضى ظاهرها مذهب الحشو والاختلاط. ودعا إلى التأمل والتفكر والرجوع إلى من يعرف تأويلها، وأكد ذلك في الخاتمة أيضا وختم ذلك بقوله:
فأنى لم أذكر شيئا في هذا الكتاب من الخبر والأثر الذي يقتضى ظاهره مذهب الحشو حتى كنت عالما لمعناه قبل إيراده، لكن لم اذكر معناه