بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت عن كشفها بكرمك إلهي ان طال في عصيانك عمري عظم في الصحف ذنبي، فما انا مؤمل غير غفرانك، ولا انا براج غير رضوانك فشغلني الصوت، واقتفيت الأثر فإذا هو علي بن أبي طالب " عليه السلام " بعينه فاستترت له لا سمع كلامه، وأخملت الحركة فرفع ركعات في جوف الليل الغابر، ثم فزع إلى الدعاء والتضرع والبكاء، والبث والشكوى فكان مما ناجى به الله ان قال إلهي أفكر في عفوك فتهون على خطيئتي، ثم اذكر العظيم من اخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال: آه ان انا قرأت في الصحف سيئة انا ناسيها وأنت محصيها فتقول: خذوه فياله مأخوذ لا ينجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته يرحمه الملا إذا اذن فيه بالنداء. ثم قال: آه من نار تنضج الأكباد والكلى آه من نار نزاعة للشوى. آه من غمرة من ملتهبات اللظى. قال: ثم أنعم في البكاء فلم اسمع له حسا ولا حركة. فقلت غلب عليه النوم لطول السهر أوقظه لصلاة الفجر. قال أبو الدرداء: فأتيته فإذ هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك وزويته فلم ينزو فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. مات والله علي بن أبي طالب فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم. فقالت فاطمة عليها السلام: يا أبا الدرداء ما كان من شأنه وقصته فأخبرتها الخبر. فقالت: هي والله يا أبا الدرداء الغشية التي تأخذه من خشية الله ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ونظر إلي وأنا أبكى. فقال: مم بكاؤك يا أبا الدرداء؟ فقلت مما أراه تنزله بنفسك. فقال يا أبا الدرداء: فكيف ولو رأيتني ودعى بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرايم بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ وزبانية فظاظ فوقفت بين يدي الملك الجبار قد أسلمتني الأحباء، ورحمني أهل الدنيا لكنت أشد رحمة لي بين يدي من لا تخفى عليه خافية. فقال أبو الدرداء: فوالله ما رأيت ذلك لاحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
(وروى) جابر بن عبد الله: قال: لما قدم علي " عليه السلام " على رسول الله صلوات الله عليه وآله بفتح خيبر. فقال له: رسول الله (صلى الله عليه وآله): لولا أن تقول فيك طوايف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح عيسى بن مريم " عليه السلام " لقلت فيك قولا لا تمر بملأ إلا أخذوا التراب من تحت رجليك ومن فاضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون منى وانا منك، ترثني وارثك، وانك مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وانك تبرئ ذمتي وتقاتل سنتي وانك غدا على الحوض خليفتي، وانك أول من يكسى