قبل زيادة تكون في إحدى هذه الفطرة الأربع أو نقصان منها، ويعلم الدواء الذي به يعالجهن فيزيد في الناقصة منهن أو ينقص من الزائد حتى يستقيم الجسد على فطرته ويعتدل الشئ بأقرانه، ثم تصير هذه الأخلاق التي ركب عليها الجسد فطرا عليها تبني أخلاق بني آدم وبها توصف، فمن التراب العزم، ومن الماء اللين ومن الحرارة الحدة، ومن البرودة الأناة فإن مالت به اليبوسة كان عزمه القسوة وإن مالت به الرطوبة كانت لينة مهانة، وإن مالت به الحرارة كانت حدته طيشا وسفها وإن مالت به البرودة كانت أناته ريبا وبلدا، فإن اعتدلت أخلاقه وكن سواء، واستقامت فطرته كان جازما في أمره لينا في عزمه حادا في لينه متأنيا في حدته لا يغلبه خلق من أخلاقه ولا يميل به، من أيها شاء استكثر ومن أيها شاء استقل ومن أيها شاء عدل ويعلم كل خلق منها إذا علا عليه بأي شئ يمزجه ويقومه فأخلاقه كلها معتدلة كما يجب أن يكون، فمن التراب قسوته وبخله وحصره وفظاظته وبرمه وشحه ويأسه وقنوطه وعزمه واطراره، ومن الماء كرمه ومعروفه وتوسعه وسهولته وتوسله وقربه وقبوله ورجاه واستبشاره، فإذا خاف ذو العقل ان يغلب عليه أخلاق التراب ويميل به الزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الماء يمزجه بلينه، يلزم القسوة اللين، والحصر التوسع، والبخل العطاء، والفظاظة الكرم والبرم التوسل، والشح السماح، والياس الرجا، والقنوط الاستبشار، والعزم القبول والاطرار القرب، ثم من النفس حدته وخفته وشهوته ولهوه ولعبه وضحكه وسفهه وخداعه وعنفه وخوفه، ومن الروح حلمه ووقاره وعفافه وحياؤه وبهاؤه وفهمه وكرمه وصدقه ورفقه وكبره، وإذا خاف ذو العقل ان تغلب عليه أخلاق النفس وتميل به الزم كل خلق منها خلقا من أخلاق الروح يقومه به يلزم الحدة الحلم، والخفة الوقار، والشهوة العفاف، واللعب الحياء، والضحك الفهم، والسفه الكرم والخداع الصدق، والعنف الرفق، والخوف الصبر ثم بالنفس سمع ابن آدم وأبصر واكل وشرب وقام وقعد وضحك وبكى وفرح وحزن، وبالروح عرف الحق من
(١١١)