كان في الرأس شؤون لان المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصداع فإذا دخل ذا فصول كان الصداع منه أبعد وجعل الشعر من فوقه ليوصل بوصوله الادهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويرد عنه الحر والبرد الواردين عليه وخلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين وجعل فيها التخطيط والأسارير ليجلس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يمتطيه الانسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه وجعل الحاجبان من فوق العينين ليوردا عليهما من النور قدر الكفاية، الا ترى يا هندي ان من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه وجعل الانف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء وكانت العين كاللوزة ليجرى فيها الميل بالدواء ويخرج منها الداء ولو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج منها داء وجعل ثقب الانف في أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح إلى المشام ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ولا وجد رائحة وجعل الشارب والشفة فوق الفم ليحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص على الانسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه وجعلت اللحية للرجال ليستغني بها عن الكشف في المنظر ويعلم بها الذكر من الأنثى وجعل السن حادا لان به يقع العض وجعل الضرس عريضا لان به يقع الطحن والمضغ وكان الناب طويلا ليشتد الأضراس والأسنان كالأسطوانة في البناء وخلا الكفان من الشعر لان بهما يقع اللمس فلو كان بهما شعر ما درى الانسان ما يقابله ويلمسه وخلا الشعر والظفر من الحياة لان طولهما وسخ يقبح وقصهما حسن فلو كان فيهما حياة لألم الانسان لقصهما وكان القلب كحب الصنوبر لأنه منكس فجعل رأسه رقيقا ليدخل في الرية فيتروح عنه ببردها لئلا يشيط الدماغ بحره وجعلت الرئة قطعتين ليدخل في مضاغطها فتروح عنه بحركتها وكانت الكبد حدباء لتثقل المعدة وتقع جميعها عليها فتعصرها فيخرج ما فيها من البخار وجعلت الكلية كحب اللوبياء لان عليها مصب المنى نقطة بعد
(١٠٠)