إلا سقوط أحد (الطرفين) المتعارضين عن الحجية رأسا حيث لا يوجب إلا العلم بكذب أحدهما فلا يكون هناك مانع عن حجية الاخر إلا أنه حيث كان بلا معين ولا عنوان واقعا فإنه لا يعلم كذبه إلا كذلك (بلا تعيين)، واحتمال كون كل منهما كاذبا لم يكن واحد منهما بحجة في خصوص مؤداه، لعدم التعيين في الحجة أصلا (1).
وكيف كان فالقاعدة منقحة في الأصول واعتمد عليها الفقهاء الكبار، وعليه اشتهر في ألسن الأصوليين بأنه: إذا تعارض الدليلان تساقطا عن الحجية، كما قال سيدنا الأستاذ: الأصل في المتعارضين التساقط وعدم الحجية، أما إذا كان التعارض بين الدليلين ثبتت حجيتهما ببناء العقلاء كما في تعارض ظاهر الآيتين أو ظاهر الخبرين المتواترين فواضح، إذ لم يتحقق بناء من العقلاء على العمل بظاهر كلام يعارضه ظاهر كلام آخر.
وأما إن كان دليل حجية المتعارضين دليلا لفظيا كما في البينة، قال إن الاحتمالات ثلاثة: فإما أن يشمل الدليل لكلا المتعارضين أو لا يشمل شيئا منهما أو يشمل أحدهما بعينه دون الاخر، لا يمكن المصير إلى الاحتمال الأول، لعدم إمكان التعبد بالمتعارضين فإن التعبد بهما يرجع إلى التعبد بالمتناقضين وهو غير معقول، وكذا لأحتمال الأخير، لبطلان الترجيح بلا مرجح، فالمتعين هو احتمال الثاني (2).
فرعان الأول: قال السيد اليزدي رحمه الله: إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما. وقال السيد الحكيم: إن الأمر يكون كذلك، لأصالة التساقط في الأمارات المتعارضة (3)