قال شيخ الطائفة رحمه الله: إذا غصب غاصب من هذا (ماله المثل) شيئا، فإن كان قائما رده وإن كان تالفا (قد أتلفه الغاصب) فعليه مثله، لقوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فإذا ثبت أنه يضمن بالمثل (بحسب ظهور الآية) فإن كان المثل موجودا طالبه به واستوفاه، وإن أعوذ المثل طالبه بقيمته (1). والتحقيق أن يقال استدلالا على اعتبار القاعدة بهذه الآية: أن إتلاف مال الغير نحو من الاعتداء فإذا تحقق ذلك (إخراج المال عن يد المالك) يتحقق المجال للاعتداء المتقابل فيكون حق التدارك لمن اعتدى عليه وهذا الحق فرع الضمان على المعتدي وإلا فلا معنى للاستدراك. ولكن لا يخفى أن الاعتداء هو الاتلاف عمدا ولا يشمل فرض الخطأ والنسيان فالدليل أخص من المدعى.
2 - الروايات: منها صحيحة أبي ولاد في اكترائه البغل من الكوفة إلى قصر أبي هبيرة وتخلفه عنه فذهب من الكوفة إلى النيل وبغداد ذهابا وإيابا، قال:
فأخبرت أبا عبد الله عليه السلام فقال: (أرى له عليك مثل كراء البغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل كراء البغل من النيل إلى بغداد، ومثل كراء البغل من بغداد إلى الكوفة وتوفيه إياه) (2). دلت على أنه من أتلف مال الغير (المال أو المنفعة) يكون ضامنا، ويجب عليه الوفاء بالمثل أو القيمة.
ومنها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن الشئ يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره، فقال: (كل شئ يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه (1). فيستفاد من عموم هذه الصحيحة أن كل من يوجب تلف مال المسلم، يكون ضامنا لما يتلفه.