قال ابن جريج: قلت لعطاء: أتكره أن تصلى وسط القبور أو إلى قبر؟ قال:
نعم، كان ينهي عن ذلك، لا تصل وبينك وبين القبلة قبر، فإن كان بينك وبينه سترة ذراع فصل * قال ابن جريج: وسئل عمرو بن دينار عن الصلاة وسط القبور فقال: ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (كانت بنو إسرائيل اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد فلعنهم الله) * قال ابن جريج: وأخبرني عبد الله بن طاوس عن أبيه قال: لا أعلمه إلا أنه كان يكره الصلاة وسط القبور كراهية شديدة * وعن سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي قال: كانوا إذا خرجوا في جنازة تنحوا عن القبور للصلاة * وقال أحمد بن حنبل: من صلى في مقبرة أو إلى قبر أعاد أبدا * قال علي: فهؤلاء عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبو هريرة وأنس وابن عباس ما نعلم لهم مخالفا من الصحابة رضي الله عنهم * قال علي: وكره الصلاة إلى القبر وفى المقبرة وعلى القبر أبو حنيفة والأوزاعي وسفيان ولم ير مالك بذلك بأسا، واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء * قال علي: وهذا عجب ناهيك به، أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه، فلا يجيزون أن تصلى صلاة الجنازة على من قد دفن ثم يستبيحون (1) بما ليس فيه منه أثر ولا إشارة مخالفة السنن الثابتة، ونعوذ بالله من الخذلان * قال علي: وكل هذه الآثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا، إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحرم ما نهى عنه، ونعد من القرب إلى الله تعالى أن نفعل مثل ما فعل، فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل، والحمد لله رب العالمين * وأما قولنا أن يرجع من لم يجد موضعا غير ما ذكرنا، فإنه لم يجد موضعا تحل فيه الصلاة، وكذلك لو وجد زحاما لا يقدر معه على ركوع ولا سجود *