وأما قولهم: ان الرجل المذكور قتل يوم بدر فتمويه بارد، لوجوه: * أحدها أن أعلى من ذكر ذلك فابن المسيب، ولم يولد إلا بعد بدر ببضعة عشر عاما * والثاني أن المقتول يوم بدر إنما هو ذو الشمالين، واسمه عبد عمرو، ونسبه الخزاعي، والمكلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو ذو اليدين، واسمه الخرباق، ونسبه سلمي * وأما قولهم: ان قول أبي هريرة: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) إنما هو إخبار عن صلاته بالمسلمين الذين أبو هريرة معهم: فباطل، يبين ذلك قول أبي هريرة الذي ذكرناه آنفا: (بينما أنا أصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) فظهر فساد قولهم * فان قالوا: قسنا السهو في الكلام على العمد. قيل لهم: القياس كله باطل، ثم لو صح لكان هذا منه عين الباطل، لان القائلين بالقياس مجمعون على أن الشئ إنما يقاس على نظيره، لا على ضده، والنسيان ضد العمد، ثم يقال لهم: فهلا قستم الكلام في الصلاة سهوا على السلام في الصلاة سهوا، فهو أشبه به، لأنهما معا كلام؟! فأي شئ قصدوا به إلى التفريق بينهما؟ فان الفرق بين سهو الكلام وعمده أبين وأوضح. وبالله تعالى التوفيق * وأما ابن القاسم ومن وافقه فإنهم أجازوا بهذا الخبر كلام الناس مع الامام في إصلاح الصلاة * قال علي: وهذا خطأ، لان الناس إنما كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، وتعمد الكلام معه عليه السلام لا يضر الصلاة شيئا، وكلمهم عليه السلام وهو يقدر أن صلاته قد تمت، وأن الكلام له مباح، وكذلك تكلم الناس يومئذ بعضهم مع بعض وهم يظنون أن الصلاة قصرت وتمت * حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور ثنا محمد بن عبد الله بن أبي دليم ثنا محمد بن وضاح ثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ثنا محمد بن جعفر: غندر عن شعبة عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى قال: (كنت أصلى فرآني النبي صلى الله عليه وسلم، فدعاني فلم آته حتى صليت، فقال: ما منعك أن تأتيني؟ قلت كنت أصلى، قال: ألم يقل الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم)؟ ثم ذكر باقي الحديث * فصح أن هذا بعد تحريم الكلام في الصلاة، لامتناع أبي سعيد من إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتم الصلاة، وصح أن الكلام مع النبي صلى الله عليه وسلم مباح في
(٦)