والكرخي سوى بين المريض والمسافر وروى أبو يوسف عن أبي حنيفة انه يقع عن التطوع ويشترط لكل يوم من رمضان نية على حدة عند عامة العلماء وقال مالك يجوز صوم جميع الشهر بنية واحدة وجه قوله إن الواجب صوم الشهر لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه والشهر اسم لزمان واحد فكان الصوم من أوله إلى آخره عبادة واحدة كالصلاة والحج فيتأدى بنية واحدة ولنا ان صوم كل يوم عبادة على حدة غير متعلقة باليوم الآخر بدليل ان ما يفسد أحدهما لا يفسد الآخر فيشترط لكل يوم منه نية على حدة وقوله الشهر اسم لزمان واحد ممنوع بل هو اسم لأزمنة مختلفة بعضها محل للصوم وبعضها ليس بوقت له وهو الليالي فقد تخلل بين كل يومين ما ليس بوقت لهما فصار صوم كل يومين عبادتين مختلفتين كصلاتين ونحو ذلك وإن كان الصوم دينا وهو صوم القضاء والكفارات والنذور المطلقة لا يجوز الا بتعيين النية حتى لو صام بنية مطلق الصوم لا يقع عما عليه لان زمان خارج رمضان متعين للنفل شرعا عند بعض مشايخنا والمطلق ينصرف إلى ما تعين له الوقت وعند بعضهم هو وقت للصيامات كلها على الابهام فلابد من تعيين الوقت للبعض بالنية لتتعين له لكنه عند الاطلاق ينصرف إلى التطوع لأنه أدنى والأدنى متيقن به فيقع الامساك عنه ولو نوى بصومه قضاء رمضان والتطوع كان عن القضاء في قول أبى يوسف وقال محمد يكون عن التطوع وجه قوله إنه عين الوقت لجهتين مختلفتين متنافيتين فسقطتا للتعارض وبقى أصل النية وهو نية الصوم فيكون عن التطوع ولأبي يوسف ان نية التعيين في التطوع لغو فلغت وبقى أصل النية فصار كأنه نوى قضاء رمضان والصوم ولو كان كذلك يقع عن القضاء كذا هذا فان نوى قضاء رمضان وكفارة الظهار قال أبو يوسف يكون عن القضاء استحسانا والقياس أن يكون عن التطوع وهو قول محمد وجه القياس على نحو ما ذكرنا في المسألة الأولى ان جهتي التعيين تعارضتا للتنافي فسقطتا بحكم التعارض فبقي نية مطلق الصوم فيكون تطوعا وجه الاستحسان ان الترجيح لتعيين جهة القضاء لأنه خلف عن صوم رمضان وخلف الشئ يقوم مقامه كأنه هو وصوم رمضان أقوى الصيامات حتى تندفع به نية سائر الصيامات ولأنه بدل صوم وجب بايجاب الله تعالى ابتداء وصوم كفارة الظهار وجب بسبب وجد من جهة العبد فكان القضاء أقوى فلا يزاحمه الا ضعف وروى ابن سماعة عن محمد فيمن نذر صوم يوم بعينه فصامه ينوى النذر وكفارة اليمين فهو عن النذر لتعارض النيتين فتساقطا وبقى نية الصوم مطلقا فيقع عن النذر المعين والله أعلم واما الثالث وهو وقت النية فالأفضل في الصيامات كلها أن ينوى وقت طلوع الفجر ان أمكنه ذلك أو من الليل لأن النية عند طلوع الفجر تفارن أول جزء من العبادة حقيقة ومن الليل تقارنه تقديرا وان نوى بعد طلوع الفجر فإن كان الصوم دينا لا يجوز بالاجماع وإن كان عينا وهو صوم رمضان وصوم التطوع خارج رمضان والمنذور المعين يجوز وقال زفر إن كان مسافرا لا يجوز صومه عن رمضان بنية من النهار وقال الشافعي لا يجوز بنية من النهار الا التطوع وقال مالك لا يجوز التطوع أيضا ولا يجوز صوم التطوع بنية من النهار بعد الزوال عندنا وللشافعي فيه قولان اما الكلام مع مالك فوجه قوله إن التطوع تبع للفرض ثم لا يجوز صوم الفرض بنية من النهار فكذا التطوع ولنا ما روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح لا ينوى الصوم ثم يبدو له فيصوم وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل على أهله فيقول هل عندكم عن غداء فان قالوا لا قال فانى صائم وصوم التطوع بنية من النهار قبل الزوال مروى عن علي وابن مسعود وابن عباس وأبى طلحة وأما الكلام فيما بعد الزوال فبناء على أن صوم النفل عندنا غير متجزئ كصوم الفرض وعند الشافعي في أحد قوليه متجزئ حتى قال يصير صائما من حين نوى لكن بشرط الامساك في أول النهار وحجته ما روينا عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما مطلقا من غير فصل بين ما قبل الزوال وبعده وأما عندنا فالصوم لا يتجزأ فرضا كان أو نفلا ويصير صائما من أول النهار لكن بالنية الموجودة وقت الركن وهو الامساك وقت الغداء المتعارف لما نذكر فإذا نوى بعد الزوال فقد خلا بعض الركن عن الشرط فلا يصير صائما شرعا والحديثان محمولان على ما قبل الزوال بدليل ما ذكرنا وأما الكلام مع
(٨٥)