الحنطة عن الشعير يراعى قيمة الواجب بالاجماع حتى لو أدى أنقص منها لا يسقط عنه كل الواجب بل يجب عليه التكميل لان الجودة في أموال الربا متقومة عند مقابلتها بخلاف جنسها وإن كان المؤدى من جنس النصاب فقد اختلف فيه على ثلاثة أقوال قال أبو حنيفة وأبو يوسف ان المعتبر هو القدر لا القيمة وقال زفر المعتبر هو القيمة لا القدر وقال محمد المعتبر ما هو انفع للفقراء فإن كان اعتبار القدر أنفع فالمعتبر هو القدر كما قال أبو حنيفة وأبو يوسف وإن كان اعتبار القيمة أنفع فالمعتبر هو القيمة كما قال زفر وبيان هذا في مسائل إذا كان له مائتا قفيز حنطة جيدة للتجارة قيمتها مائتا درهم فحال عليها الحول فلم يؤد منها وأدى خمسة أقفزة رديئة يجوز وتسقط عنه الزكاة في قول أبي حنيفة وأبى يوسف ويعتبر القدر لا قيمة الجودة وعند محمد وزفر عليه أن يؤدى الفضل إلى تمام قيمة الواجب اعتبارا في حق الفقراء للقيمة عند زفر واعتبارا للأنفع عند محمد والصحيح اعتبار أبي حنيفة وأبى يوسف لان الجودة في الأموال الربوية لا قيمة لها عند مقابلتها بجنسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم جيدها ورديئها سواء الا ان محمدا يقول إن الجودة متقومة حقيقة وإنما سقط اعتبار تقومها شرعا لجريان الربا والربا اسم لمال يستحق بالبيع ولم يوجد والجواب ان المسقط لاعتبار الجودة وهو النص مطلق فيقتضى سقوط تقومها مطلقا الا فيما قيد بدليل ولو كان النصاب حنطة رديئة للتجارة قيمتها مائتا درهم فادى أربعة أقفزة جيدة عن خمسة أقفزة رديئة لا يجوز الا عن أربعة أقفزة منها وعليه أن يؤدى قفيزا آخر عند أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد اعتبارا للقدر دون القيمة عندهما واعتبارا للأنفع للفقراء عند محمد وعند زفر لا يجب عليه شئ آخر اعتبارا للقيمة عنده وعلى هذا إذا كان له مائتا درهم جيدة حال عليها الحول فادى خمسة زيوفا جاز عند أبي حنيفة وأبى يوسف لوجود القدر ولا يجوز عند محمد وزفر لعدم القيمة والأنفع ولو أدى أربعة دراهم جيدة عن خمسة رديئة لا يجوز الا عن أربعة دراهم وعليه درهم آخر عند أبي حنيفة وأبى يوسف ومحمد وأما عند أبي حنيفة وأبى يوسف فلاعتبار القدر والقدر ناقص وأما عند محمد فلاعتبار الأنفع للفقراء والقدر ههنا أنفع لهم وعلى أصل زفر يجوز لاعتبار القيمة ولو كان له قلب فضة أو اناء مصوغ من فضة جيدة وزنه مائتا درهم وقيمته لجودته وصياغته ثلاثمائة فان أدى من النصاب أدى ربع عشره وان أدى من الجنس من غير النصاب يؤدى خمسة دراهم زكاة المائتين عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر يؤدى زكاة ثلاثمائة درهم بناء على الأصل الذي ذكرنا وان أدى من غير جنسه يؤدى زكاة ثلاثمائة وذلك سبعة دراهم ونصف بالاجماع لان قيمة الجودة تظهر عند المقابلة بخلاف الجنس ولو أدى عنها خمسة زيوفا قيمتها أربعة دراهم جيدة جاز وسقطت عنه الزكاة عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر عليه أن يؤدى الفضل إلى تمام قيمة الواجب وعلى هذا النذر إذا أوجب على نفسه صدقة قفيز حنطة جيدة فادى قفيزا رديئا يخرج عن النذر في قول أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد وزفر عليه أداء الفضل ولو أوجب على نفسه صدقة قفيز حنطة رديئة فتصدق بنصف قفيز حنطة جيدة تبلغ قيمته قيمة قفيز حنطة رديئة لا يجوز الا عن النصف وعليه أن يتصدق بنصف آخر في قول أصحابنا الثلاثة وفى قول زفر لا شئ عليه غيره وهذا والزكاة سواء والأصل ما ذكرنا ولو أوجب على نفسه صدقة بشاتين فتصدق مكانهما بشاة واحدة تبلغ قيمتها شاتين جاز ويخرج عن النذر كما في الزكاة وهذا بخلاف ما إذا أوجب على نفسه أن يهدى شاتين فاهدى مكانهما شاة تبلغ قيمتها قيمة شاتين انه لا يجوز الا عن واحدة منهما وعليه شاة أخرى لان القربة هناك في نفس الإراقة لا في التمليك وإراقة دم واحد لا يقوم مقام إراقة دمين وكذا لو أوجب على نفسه عتق رقبتين فاعتق رقبة تبلغ قيمتها قيمة رقبتين لم يجز لان القربة ثمة ليس في التمليك بل في إزالة الرق وإزالة رق واحدة لا يقوم مقام إزالة رقين ولهذا لم يجز اعتاق رقبة واحدة وإن كانت سمينة الا عن كفارة واحدة والله أعلم وإن كان مال الزكاة دينا فجملة الكلام فيه ان أداء العين عن العين جائز بأن كان له مائتا درهم عين فحال عليها الحول فادى خمسة منها لأنه أداء الكامل عن الكامل فقد أدى ما وجب عليه فيخرج عن الواجب وكذا إذا أدى العين عن الدين بأن كان له مائتا درهم دين فحال عليها الحول ووجبت فيها الزكاة
(٤٢)