الولاية للمجنون وبه نقول إن المجنون لا يصلح وليا والمحدود في القدف إذا تاب فله ولاية الانكاح بلا خلاف لأنه إذا تاب فقد صار عدلا وان لم يثبت فهو على الاختلاف لأنه فاسق والله الموفق واما كون المولى من العصبات فهل هو شرط ثبوت الولاية أم لا فنقول وبالله التوفيق جملة الكلام فيه انه لا خلاف في أن للأب والجد ولاية الانكاح الا شئ يحكى عن عثمان البنى وابن شبرمة انهما قالا ليس لهما ولاية التزويج (وجه) قولهما ان حكم النكاح إذا ثبت لا يقتصر على حال الصغر بل يدوم ويبقى إلى ما بعد البلوغ إلى أن يوجد ما يبطله وفى هذا ثبوت الولاية على البالغة ولأنه استبد أو كأنه أنشأ الانكاح بعد البلوغ وهذا لا يجوز ولنا قوله تعالى وأنكحوا الأيامى منكم والأيم اسم لأنثى من بنات آدم عليه الصلاة والسلام كبيرة كانت أو صغيرة لا زوج لها وكلمة من إن كانت للتبعيض يكون هذا خطابا للآباء وإن كانت للتجنيس يكون خطابا لجنس المؤمنين وعموم الخطاب يتناول الأب والجد وأنكح الصديق رضي الله عنه عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج على ابنته أم كلثوم وهي صغيرة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وزوج عبد الله بن عمر ابنته وهي صغيرة عروة بن الزبير رضي الله عنهم وبه تبين أن قولهما خرج مخالفا لاجماع الصحابة وكان مردودا وأما قولهما ان حكم النكاح بقي بعد البلوغ فنعم ولكن بالانكاح السابق لا بانكاح مبتدأ بعد البلوغ وهذا جائز كما في البيع فان لهما ولاية بيع مال الصغير وإن كان حكم البيع وهو الملك يبقى بعد البلوغ لما قلنا كذا هذا وللأب قبض صداق ابنته البكر صغيرة كانت أو بالغة ويبرأ الزوج بقبضه أما الصغيرة فلا شك فيه لان له ولاية التصرف في مالها وأما البالغة فلأنها تستحى من المطالبة به بنفسها كما تستحى عن التكلم بالنكاح فجعل سكوتها رضا بقبض الأب كما جعل رضا بالنكاح ولأن الظاهر أنها ترضى بقبض الأب لأنه يقبض مهرها فيضم إليه أمثاله فيجهزها به هذا هو الظاهر فكان مأذونا بالقبض من جهتها دلالة حتى لو نهته عن القبض لا يتملك القبض ولا يبرأ الزوج وكذا الجد يقوم مقامه عند عدمه وإن كانت ابنته عاقلة وهي ثيب فالقبض إليها لا إلى الأب ويبرأ الزوج بدفعه إليها ولا يبرأ بالدفع إلى الأب وما سوى الأب والجد من الأولياء ليس لهم ولاية القبض سواء كانت صغيرة أو كبيرة الا إذا كان الولي وهو الوصي فله حق القبض إذا كانت صغيرة كما يقبض سائر ديونها وليس للوصي حق القبض الا إذا كانت صغيرة وإذا ضمن الولي المهر صح ضمانه لان حقوق العقد لا تتعلق به فصار كالأجنبي بخلاف الوكيل بالبيع إذا ضمن عن المشترى الثمن وللمرأة الخيار في مطالبة زوجها أو وليها لوجود ثبوت سبب حق المطالبة من كل واحد منهما وهو العقد من الزوج والضمان من الولي ولا خلاف بين أصحابنا في أن لغير الأب والجد من العصبات ولاية الانكاح والأقرب فالأقرب على ترتيب العصبات في الميراث واختلفوا في غير العصبات قال أبو يوسف ومحمد لا يجوز انكاحه حتى لم يتوارثا بذلك النكاح ويقف على إجازة العصبة وعن أبي حنيفة فيه روايتان وهذا يرجع إلى ما ذكرنا ان عصوبة الولي هل هي شرط لثبوت الولاية مع اتفاقهم على أنها شرط التقديم فعندهما هي شرط ثبوت أصل الولاية وهي رواية الحسن عن أبي حنيفة فإنه روى عنه أنه قال لا يزوج الصغيرة الا العصبة وروى أبو يوسف ومحمد عن أبي حنيفة أنها ليست بشرط لثبوت أصل الولاية وإنما هي شرط التقدم على قرابة الرحم حتى أنه إذا كان هناك عصبة لا تثبت لغير العصبة ولاية الانكاح وان لم يكن ثمة عصبة فلغير العصبة من القرابات من الرجال والنساء نحو الام والأخت والخالة ولاية التزويج الأقرب فالأقرب إذا كان المزوج ممن يرث المزوج وهو الرواية المشهورة عن أبي حنيفة (وجه) قولهما ما روى عن علي رضي الله عنه أنه قال النكاح إلى العصبات فوض كل نكاح إلى كل عصبة لأنه قابل الجنس بالجنس أو بالجمع فيقتضى مقابلة الفرد بالفرد ولان الأصل في
(٢٤٠)