والممارسة وذلك بالثيابة ولم توجد فالتحقت بالبكر الصغيرة فبقيت ولاية الاستبداد عليها ولهذا ملك الأب قبض صداقها من غير رضاها بخلاف الثيب البالغة لأنها علمت بمصالح النكاح وبالممارسة ومصاحبة الرجال فانقطعت ولاية الاستبداد عنها ولنا أن الثيب البالغة لا تزوج الا برضاها فكذا البكر البالغة والجامع بينهما وجهان أحدهما طريق أبي حنيفة وأبى يوسف الأول والثاني طريق محمد وأبى يوسف الآخر أما طريق أبي حنيفة فهو ان ولاية الحتم والايجاب في حالة الصغر إنما تثبت بطريق النيابة عن الصغيرة لعجزها عن التصرف على وجه النظر والمصلحة بنفسها وبالبلوغ والعقل زال العجز وثبتت القدرة حقيقة ولهذا صارت من أهل الخطاب في أحكام الشرع الا انها مع قدرتها حقيقة عاجزة عن مباشرة النكاح عجز ندب واستحباب لأنها تحتاج إلى الخروج إلى محافل الرجال والمرأة مخدرة مستورة والخروج إلى محفل الرجال من النساء عيب في العادة فكان عجزها عجز ندب واستحباب لا حقيقة فثبتت الولاية عليها على حسب العجز وهي ولاية ندب واستحباب لا ولاية حتم وايجاب اثباتا للحكم على قدر العلة وأما طريق محمد فهو أن الثابت بعد البلوغ ولاية الشركة لا ولاية الاستبداد فلابد من الرضا كما في الثيب البالغة على ما نذكره إن شاء الله تعالى في مسألة النكاح بغير ولى وإنما ملك الأب قبض صداقها لوجود الرضا بذلك منها دلالة لان العادة أن الأب يضم إلى الصداق من خالص ماله ويجهز بنته البكر حتى لو نهته عن القبض لا يملك بخلاف الثيب فان العادة ما جرت بتكرار الجهاز وإذا كان الرضا في نكاح البالغة شرط الجواز فإذا زوجت بغير اذنها توقف التزويج على رضاها فان رضيت جاز وان ردت بطل ثم إن كانت ثيبا فرضاها يعرف بالقول تارة وبالفعل أخرى أما القول فهو التنصيص على الرضا وما يجرى مجراه نحو أن تقول رضيت أو أجزت ونحو ذلك والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم الثيب تشاور وقوله صلى الله عليه وسلم الثيب يعرب عنها لسانها وقوله صلى الله عليه وسلم تستأمر النساء في ابضاعهن وقوله صلى الله عليه وسلم لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر والمراد منه البالغة وأما الفعل فنحو التمكين من نفسها والمطالبة بالمهر والنفقة ونحو ذلك لان ذلك دليل الرضا والرضا يثبت بالنص مرة وبالدليل أخرى والأصل فيه ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لبريرة ان وطئك زوجك فلا خيار لك وإن كانت بكرا فان رضاها يعرف بهذين الطريقين وبثالث وهو السكوت وهذا استحسان والقياس أن لا يكون سكوتها رضا (وجه) القياس أن السكوت يحتمل الرضا ويحتمل السخط فلا يصلح دليل الرضا مع الشك والاحتمال ولهذا لم يجعل دليلا إذا كان المزوج أجنبيا أو وليا غيره أولى منه (ولنا) ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تستأمر النساء في ابضاعهن فقالت عائشة رضي الله عنها ان البكر تستحى يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم اذنها صماتها وروى سكوتها رضاها وروى سكوتها اقرارها وكل ذلك نص في الباب وروى البكر تستأمر في نفسها فان سكتت فقد رضيت وهذا أيضا نص ولان البكر تستحى عن النطق بالاذن في النكاح لما فيه من اظهار رغبتها في الرجال فتنسب إلى الوقاحة فلو لم يجعل سكوتها اذنا ورضا بالنكاح دلالة وشرط استنطاقها وانها لا تنطق عادة لفاتت عليها مصالح النكاح مع حاجتها إلى ذلك وهذا لا يجوز وقوله السكوت يحتمل مسلم لكن ترجح جانب الرضا على جانب السخط لأنها لو لم تكن راضية لردت لأنها إن كانت تستحى عن الاذن فلا تستحى عن الرد فلما سكتت ولم ترد دل انها راضية بخلاف ما إذا زوجها أجنبي أو ولى غيره أولى منه لان هناك ازداد احتمال السخط لأنها يحتمل انها سكتت عن جوابه مع أنها قادرة على الرد تحقيرا له وعدم المبالاة بكلامه وهذا أمر معلوم بالعادة فبطل رجحان دليل الرضا ولأنها إنما تستحى من الأولياء لا من الأجانب والابعد عند قيام الأقرب وحضوره أجنبي فكانت في حق الأجانب كالثيب فلابد من فعل أو قول يدل عليه ولان المزوج إذا كان أجنبيا وإذا كان
(٢٤٢)